قطر ….. التجدد
عبد الرحمن بجاش
عبد الرحمن بجاش –
نحن مسكونون بنظرية المؤامرة, ولذلك نبدأ بالشك قبل اليقين أو حتى الانتظار ومن ثم الحكم, نحن بسبب تربيتنا الجمعية التي قوامها (ما بدا بدينا عليه) نحكم قبل أن نسمع أو نرى أو ننظر .. وتبعا لذلك ما إن سمعت وقرأت أن أمير قطر سيتنازل عن الحكم, قلت فورا كما سمعت الكل وقرأت الجميع (فتش عن أمريكا وإسرائيل) ورحت أخمسها وأسدسها!.
بداية ….. بعد أن تابعت حلقة هيكل ليلة الجمعة, فقد تراجعت إلى الوراء ألف سنة مما تعدون! بمعنى أن ما نقول أنه (ديمقراطية) في العالم العربي, فلا وجود لها وبالمطلق, وما نراه للأسف مجرد خداع للنفس طالما والعربة قبل الحصان!, فأن تبدي رأيك فيما حدث في الدوحة فقسه على ظروف قطر حيث القطريون متوافقون بما يناسب ظروفهم, وما حدث هم معنيون به في المقام الأول.
أول ما قال مذيع (الجزيرة) التي بدت مرتبكة!, أن الشيخ تميم أمير قطر الجديد سيوجه خطابا للقطريين والعرب, قلت: اسمعه ومن ثم قل ما تريد, فسمعته حتى آخر كلمة, فالتقطت أذني: -اهتماما بالأجيال القادمة – الوصول بقطر إلى آفاق أرحب ضمن رؤية استراتيجية – التعليم – الشباب, المعرفة, الثقافة, تحسين أداء الإنسان – لن يتولى أي قطري أي موقع إلا إذا أدى واجبه أولا – التنمية البشرية – احترام المعتقدات والمذاهب وضمان ممارسة العبادة بحرية -لسنا تابعين لأحد – الاستفادة من المال في بناء الإنسان – التربية, وأول الملاحظات وتابعتها بتركيز شديد أن الأمير الشاب ألقى خطابه بثقة عالية بالنفس تنم عن أنه هيئ لما هو مقبل عليه, وبعودتي إلى قراءة سيرته الذاتية فقد خرجت بانطباع مفاده أن الوالد أعد الولد من خلال عملية مؤسسية دراسة وممارسة, فبدا الولد مدركا لما يقول وما سيفعل, وبالنظر إلى ظروف قطر واختياره فقد ظهر الأمير الوالد بعيدا عن التذاكي, فحسبها بدهاء , رأى أن التغيير سنة الكون, وأن الإنسان يضجر حتى من نفسه إذا ظل يتملى وجهه في المرآة, فما بالك بأن يظل أمام الناس في صحوهم ومنامهم . مدمني نظرية المؤامرة لن يعجبهم هذا, سيذكرونك بالقاعدة الأمريكية, والصراع بين الإخوة, وإسرائيل, والإخوان المسلمين … وأشياء كثيرة لا تعنيني أنا بل تعني القطريين, أنا أتحدث عن حسبة بسيطة تتمثل في ضرورة التغيير حتى في الغرفة الواحدة, ورجاء لا تعودوا تحدثونا عن ديمقراطية عربيه!.
ذات مساء كنت في الدوحة وفي افتتاح قمة مجلس التعاون الخليجي سمعت الرجل أقصد الأب يتحدث عن المعرفة, وقد علمت لحظتها أن صاحب مايكروسوفت غادر الدوحة للتو بعد إلقائه محاضرة على الشباب في مدينة كرست للمعرفة, فأن يتم الحديث عن المعرفة وفي منطقة يكرس فيها التخلف فأمر جديد!, الأمير الشاب عين رئيس وزرائه ووزراءه الرئيسيين وكلهم وجوه جديدة, لأن الأمر لا يستقيم إلا كذلك, عهد جديد بأدوات جديدة, أعود للقول أن ما حدث يخص قطر وحدها, لكنني أقولها وبقوة أن الرجل حسبها حسبه صحيحة وسيظل في أذهان مواطنيه ولن يغيب!.
لا ادري لم تذكرت سفير المغرب الأسبق وهو يحدث أمين عام مساعد أمانة العاصمة فذكر حمدي السنيدار الإمام أحمد مهاجما, ليتذكر أن الرجل الذي أمامه سفير دولة يحكمها ملك, فتراجع محرجا, إلا أن السفير كان ذكيا فقالها (العبرة بما يقدمه أي نظام للناس بغض النظر عن جمهوريته أو ملكيته) .., في قطر حدث تغيير, قد نتفلسف حوله ونورد كل النظريات, لكن اليقين أن تغييرا قد حصل .. فمن يتعظ كل بما يناسب ظروفه, واركنوا الحديث عن ديمقراطية عربية جانبا, فحين سأله المذيع: كل هذه السنوات أمضيتها حاكما¿, انتفض صاحبي: طبعا وماذا في ذلك طالما وهي عبر الصندوق! الله يقصف عمر ذلك الصندوق!.