ليس دفاعا عن الغش!
عبد الرحمن عبد الخالق
عبد الرحمن عبد الخالق –
قصر ظاهرةö الغش في الامتحانات على البعد الأخلاقي ينم عن قصور معرفي أو عن هروب من مواجهة المشكلة باعتبارها سياسية اجتماعية بامتياز وهو ما يباعد بين فهم حقيقة هذه الظاهرة الغاية في السوء وبين حلها حلا علميا بعيدا عن المواعظ الدينية والاجتماعية ففي علم التربية القدوة مقدمة على الموعظة أو النصيحة.
صحيح أننا أمام ظاهرة يتوجب التعامل معها ميدانيا لكسر شوكتها والحد من انتشارها ولا يعني ذلك الركون في حلها على الجانب الأمني كما عبر عن ذلك أحد مديري التربية في محافظة من المحافظات حين أعاد سبب ظهور (بعض الارتباكات التي حدثت في بعض مراكز الامتحان…. إلى وجود ضعف في التنسيق مع الأمن).. فلا أقبح من ذلك!
إن التعامل الآني والسريع مع ظاهرة الغش يجب أن لا تبعدنا عن دراسة هذه الظاهرة دراسة علمية معمقة لأنها تتعلق بمستقبل الأجيال.
وأحسب القول بأن ظاهرة الغش ترتبط عضويا بالنظام السياسي والاجتماعي المشرöع من خلال بنيته وهيكله للفساد وبالتالي للغش باعتبار أن الغش تجلي من تجلياته.. وينعكس ذلك الفساد على مكونات العملية التعليمية بأركانها الثلاث:
1- المعلöم: وهو صاحب الدور الأساس والفعال في العملية التربوية ولا أجدني متجنيا إن قلت إن كثيرا من المعلمين لا يمتلكون التأهيل الكافي للقيام بمهمة جسيمة كهذه مما يكون له أبلغ الأثر على العملية التعليمية وبلوغ مراميها وبالتالي على خلق مبررات للغش وتفاقمه.
2- المتعلöم: وهو ما يشكل محور العملية التعليمية باعتباره المقصود بعملية التعليم وهو الضحية الأول لسوء العملية التعليمية وفسادها من وجهة نظري.
3- المنهاج أو المحتوى التعليمي: وهو ما يلعب دورا كبيرا في تقديم المعارف والأفكار وهو محدöد طريقة التعليم وشكله. والمنهاج الدراسي هو أس البلية في العملية برمتها منهاج قائم على الحشو متبعا أسوأ الطرق والأساليب التربوية الحديثة من حيث اعتماده على التلقين والحفظ والتعامل بخصومة مع التحفيز الفكري وتنميته ومع الخلق والإبداع.. فيفقد التعليم بذلك فائدته ومراميه وينمي عند المتعلم حالة من اللامبالاة ورفض عملية التعلم برمتها ويجعل من الغش الطريقة الفضلى لضمان النجاح الذي يمكöنه من الحصول على وظيفة ويجنبه ازدراء مجتمعه.
إن النموذج المجتمعي -اليوم- بسبب السياسات المتبعة في غالبه سالب قائم على الغش والخداع ابتداء من حالة البطالة المتنامية إلى حرمان المواطن من أبسط حقوقه المتمثلة في المعيشة وفي الحياة الآمنة وفي النور والماء..
أيوجد فساد أشنع من ذلك وأقسى..
ومع ذلك تبقى ظاهرة الغش في الامتحانات داء علينا مواجهته!