جمهورية التشيك الساحرة: »5-8«
جمال عبدالحميد عبدالمغني
جمال عبدالحميد عبدالمغني –
> في الطريق إلى جمهورية التشيك وقبل أن نعبر الحدود البولندية التشيكية كنت أظن أن الريف البولندي هو الأجمل في أوروبا إن لم يكن في العالم. حيث قطعنا مئات الكيلو مترات لم نجد على جانبي الطريق سوى غابات شاسعة وممتدة كلها تمثل ثروة هائلة من الاخشاب أو مساحات خضراء عملاقة مزروعة بكافة أنواع الحبوب. بالإضافة إلى المساحات المخصصة لمزارع الأبقار وكافة أنواع الماشية. المهم طوال تلك المسافة لم نجد أي أثر ظاهر للتراب أو الطين فالأرض كلها مكسوة بالخضرة فتبارك الله أحسن الخالقين.
> وصلنا المعبر الحدودي الفاصل بين الدولتين والمفاجأة الصارخة بالنسبة لي أن مبنى المعبر الحدودي مبنى ضخم وواسع وأنيق لكنه مغلق كما يقولون بالضبة والمفتاح ومهجور ولا وجود لأي جندي أو حتى حارس للمبني فقط لوحة تشير إلى أن من هنا تبدأ حدود جمهورية التشيك وهنا تنتهي حدود بولندا. طبعا لم نفوت الفرصة قمنا بالتقاط بعض الصور التذكارية أمام المعبر الحدودي المهجور وتذكرت الحدود المرعبة بين أقطار الوطن العربي حيث تحتوي على الأسوار الشاهقة والشائكة والأسلاك الكهربائية وكاميرات المراقبة والرصد والعربات المجنزرة والمصفحة والأسلحة الفتاكة وكتائب من الجنود إن لم تكن ألوية ناهيك عن مكاتب الجمارك والجوازات والضرائب ومكاتب الأجهزة الأمنية المختلفة الأنواع والأشكال كالأمن السياسي والأمن والقومي والأمن الوطني في بعض الدول هذه التسمية موجودة وأمن الدولة والاستخبارات العسكرية وغير ذلك من المسميات التي تجعل من عبور المواطن العربي المقهور إلى بلد اشقائه بحثا عن الرزق أو العمل أشبه بمن يعبر إلى الجحيم في الوقت الذي نسي الأوروبيون من مختلفي الجنسيات والأعراف واللغات” الحدود تماما وأبقوا على المراكز الحدودية كذكرى لمأساة التشرذم والتمزق الذي كانوا فيه آسف لنقلكم من المتعة إلى المأساة ولكن هذا واقعنا العربي.
> سحر جمههورية التشيك: بعد أن توغلنا كيلو مترات قليلة في الحدود التشيكية بدأت تظهر ملامح جمال الطبيعة التشيكية الخلابة ليس لأن اخضرار الأرض فيها أكثر من غيرها وليس لأن محاصيلها الزراعية أجود ولكن لجمال تضاريسها ففيها بعض المرتفعات غير الشاهقة والتي تشكل لوحات ربانية بديعة الجمال يعجز الإنسان عن وصفها وهكذا على امتداد الطريق.
وكان ذلك اليوم ممطرا بل غزير المطر ولساعات طويلة بشكل غير مألوف في بلداننا العربية مع ذلك لم يضطر السائق لتخفيف السرعة إلا نادرا عندما كانت المساحات تعجز عن ايضاح الرؤية من خلال الزجاج. أما بالنسبة للطريق فلا خوف من الانزلاق لأن تصميم الطريق وطريقة تنفيذها تم وفقا لأعلى المواصفات والسبب أن أرواح البشر مهمة بالنسبة لهم بالإضافة إلى أن الغش والكذب والرشوة غير موجودة لديهم إطلاقا.