المهرجانات الثقافية .. قطúع العادة عداوة
يكتبها : علي أحمد بارجاء
يكتبها : علي أحمد بارجاء –
لا شيء يدوم إلا الحي القيوم, هذا قول أصيل في ديننا و في ثقافتنا لا خلاف ولا جدل فيه, أما في حياتنا الثقافية فعندما تقيم دولة أو مؤسسة كبرى مهرجانا وفي نöيتها عند التخطيط له وتنفيذه أن يكون مهرجانا ثقافيا كبيرا يتكرر كل عام في موعد محدد باليوم والشهر و السنة, فيمكن تحققه في كل دول العالم, أقول في كل دول العالم, إلا في اليمن, في اليمن فقط نقيم المهرجانات ونعلن أنها ستنفذ سنويا, ثم يصبح الأمر كذبة كبرى.
أقول هذا ولدينا من الأدلة ما لا يمكن حصره من المهرجانات هنا مثل: (مهرجان الأعراس, مهرجان الأغنية, مهرجان المسرح, مهرجان الأدب اليمني, مهرجان الأديب علي أحمد باكثير, مهرجان الأديب البردوني, مهرجان الشعراء الشباب, مهرجان القمندان بلحج, مهرجان الصهاريج بعدن, مهرجان الخريف في المهرة, مهرجان البلدة في المكلا, مهرجان سيئون الثقافي, مهرجان القطن, مهرجان النخيل والسدر بحضرموت…), وغيرها من المهرجانات الرائدة والاحتفالات الثقافية الأدبية التراثية التي نجحت بكل المقاييس.
لا يتعلق الأمر بما تعيشه اليمن من أوضاع وأزمات سياسية واقتصادية, بدليل أن ثمة مؤتمرات وندوات ومهرجانات ومباريات رياضية تقام هنا وهناك في ظل هذه الظروف وهذه الأزمات بشكل مستمر لا يتوقف! بل ينبغي أن تستمر لأن توقفها معناه الفشل والموت, السؤال هو: لماذا المهرجانات الثقافية التراثية العامة الكبرى متعددة الأنشطة هي وحدها فقط التي تتوقف ولا تستمر¿¿ أليس المثل العامي يقول: (قطع العاده عداوة)¿! لكن يبدو لي أن الوزارات و المؤسسات المعنية لا تعمل وفق خطط مسبقة, بل تعمل وفق عقلية كبيرها وفي ماذا يفكر و ماذا يريد أن ينجز.
حين تفكöر وزارة كوزارة الثقافة ومكاتبها, أو السلطات المحلية في المحافظات, أو اتحاد كاتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين, وغيرها من الجهات والمؤسسات في إقامة مهرجان ما نجدهم يتفاعلون حتى يتحقق ما يريدون وينفذ هذا المهرجان أو ذاك, وفي غمرة حماسهم أثناء التخطيط والتنفيذ يعلöنون _ ربما بلا وعي منهم_ اعتماد إقامة هذا المهرجان كل عام, أو كل ثلاثة أعوام أو أربعة, وهذا الحماس ينسöيهم أنهم في دولة لا يرعöبها شيء كما يرعöبها الفعل و الحراك الثقافي, ولذا فهي قد هيأت لها من الخطباء من يقف على المنابر ليشنöع على كل مهرجان وينتقده بل ربما يحرöمه تحريما نهائيا, أذكر ما حدث في مهرجان سيئون الثقافي التراثي الذي أقيم في شهري يونيو/يوليو 1996م, وكان تظاهرة لا مثيل لها, إذ كان من ضمن الفرق الفنية المشارöكة في العرض الكرنفالي عصر يوم افتتاح المهرجان, فرقة الرقص المعروف بـ(نعيش البقارة) من مدينة تريم, وهي رقصة قديمة على إيقاع متميöز, ويرتدي فيها كل راقص إöزارا من الخوص الملون, ويلبس شعرا مستعارا طويلا على رأسه, ويحرöك الراقصون رؤوسهم يمúنة ويسúرة في مشهد غريب عجيب. المهم في الأمر: أنه بعد انتهاء المهرجان لم يعدú لهذه الفرقة حضور في الواقع, ثم قöيل: إن مجموعة من إخواننا في الله قالوا في هذا اللون من الرقص قولا ثقيلا, نعم , لقد قالوا: إن فيها ما يشبه حركات الأبقار لرؤوسها, ولعلهم أفتوا بعدم جواز ممارستها! فقتلوا مكونا ولونا تراثيا بديعا ظل حيا لسنوات قبل أن يأتي هؤلاء المدعون ليقولوا قولهم فيقتلوا شيئا من البهجة في حياتنا, لنجد أنفسنا مع مرور الأيام وقد أتينا على كل الألوان التراثية وأمتúناها, رغبة منهم في أن نتساوى مع من ليس لهم من التراث شيء ذو بال.
حين نفكöر في إقامة مهرجان ما ينبغي أن نفكöر ألف مرة ومرة في كلö شيء, وأول ما ينبغي أن نفكر فيه هو إمكانية الديمومة والاستمرار والالتزام الصارم بتنفيذه في نفس موعده كل عام أو عامين أو ثلاثة, أو كل أربعة أعوام على أكبر تقدير, وأن نحظى بالموافقة على اعتماده من قöبل جهات مموöلة تتعهد بذلك وتكون عند مستوى تعهدها, سواء أكانت الدولة نفسها أم مؤسسات رسمية أو غير رسمية, فأمر مثل هذا بحاجة إلى تفكير وتخطيط مسبق ومدروس بعناية فائقة. وإلا فإننا سنحرث في الصحراء, والارتجالية والسرعة لا تثمران عملا متقنا تتوخى منه فائدة. وإن حظينا بتلك الموافقة, فلا ينبغي أن ننسى أننا سنواجه مواعيد عرقوب التي ستفشل كل شيء, فلا ش