عدن بحر يبتسم.. وأحلام من بلور !!!



البداية والاستثناءات
حين تلقيت خبرا أنني أحد الطاقم الذي سيسافر إلى مدينة عدن قلت:ـ وماذا يعني ذلك سوى إرهاصات تحيط بك من كل جانب وعشوائية تامة تمضي دون تنسيق مسبق كما عايشت ذلك في كثير من السفريات والرحلات وفي مناسبات مختلفة … ودون إسهاب في المقدمات جاء موعد الرحلة وما إن أقلعت الطائرة وعلى إثر ابتسامة نادرة من شيخ عجوز انتابني شعور أنني ألامس رحلة صحية وازداد ذلك باليقين أن الوكالة لا تجبرك بمقعد معين لكنها تترك لك الخيار فكان الخيار أنني أجلس بجوار أحد رفاقي من زملائي الأخ فارس الدر واني وبقرب من مقعد الشيخ العجوز صاحب الابتسامة الأخاذة كنت مبتسما دائما ولم يعرف رفيقي حتى هذه اللحظة ما لسر وراء انشراحي كنت أظن أن ذلك سببه طيف الشيخ العجوز لكن أتضح أنني أيضا لا أعرف لماذا كل ذلك الانشراح الذي وصل إلى حد الشطط !!! ..وأنا هنا أسأل هل للإنسان أن يسلك سلوكا معينا ولا يعرف لماذا ¿ ربما يتحقق ذلك وبلا سبب وبلا هدف أو غاية وبالتالي فهو غير مسئول عنه خاصة أنه اتضح أنه لا رابطة مؤكدة وكاملة بين الابتسامة الأولى للشيخ العجوز وانشراح الصدر…تمضي أكثر من أربعين دقيقة ونحن مغموسيون في حديث متزاحم تتماهما معه الغيوم ويتهادى معه بريق البحر وطفولتنا..بإمكاني القول:لعل الذات حين تتشابه مع الآخر يحصل شيء من التحليق الروحي حتى ولو أنت على الأرض فماذا لو كانت في الجو¿!. حينها فقط تأكدت أن هناك أيضا غموضا و استثناءات تمنحها السماء..ولو بعد حين.

الهبوط وحميمية الرطوبة
وفي هذه اللحظة الطائرة تهبط على مطار عدن الدولي تستقبلنا حميمية الرطوبة ومازلنا نتسع بالابتسامات …يغادرني الشيخ العجوز في صمت مطبق وعلى محياه صخب وكأن لوعة الفراق جدا مره غادرنا رويدا.. رويدا ..حتى أصبح بعيدا لكنه أبى أيضا إلا أن يشير إلي بالوداع ولو من بعيد !!
أخذنا أمتعتنا باتجاه السيدة(( سوزانا)) ممثلة منظمة الإنقاذ الدولية.. بعد الترحيب اللطيف صعدنا على السيارات الأنيقة باتجاه فندق(( مير كيور )) وما إن وصلنا صعد الجميع كل إلى غرفته فتحت باب غرفتي ..طبعا لم أجد ذلك الشيخ النقي وابتسامته العجيبة المشبعة برذاذ الخير لكني وجدت صوت البحر واللون الأبيض الساطع لأطراف موجاته والتي تبدو واضحة جدا وفي قلب الليل…تبدأ الخوارق…والمعجزات..
لم ألتفت إلى فخامة الفندق والغرفة ولم ألتفت إلى جوعي أو إلى الستائر البيضاء الشفافة كما قلبي والتي تراقصها الرياح المتسربة بأريحية من باب ((البلكون)).
وددت فقط الاقتراب إلى (( البلكون)) باتجاه صوت البحر والذي يأسرني من جذوري لتصبح قواي العقلية من(( إرادة وعقل وضمير)) ماضية باتجاه الصوت والمدى والأفق الشامخ ..لا شيء سوى الهدأة وصوت البحر لا شيء أمامي سوى حöلكة الليل وبياض الأمواج..لم تكن تزعجني بعض قناديل الفندق الفخمة القابعة هنا وهناك بفناء الفندق الواسع ولم يأخذني بريق ماء المسبح ولا إضاءته …كما أن ارتفاع ((البلكون))عن الأرض لم تزدني إلا تما هيا مع صوت الموجة واللون الأبيض الفاقع..وللعلم أناملي لم تضغط على أي مفتاح إضاءة بالغرفة !! أبقيت الغرفة كما وجدتها. تضيء فقط على أبجورة أنيقة ذات لون ذهبي ولم أجلس على الكرسي الرشيق المستلقي على ركن(( لبلكون)) أبقيت جسدي متسمرا على حافة ((البلكون)) لأكثر من ساعتين فقط أسمع صوت البحر الذي فارقته منذ سنتين.. أحسب أن كل شيء غار من تلك العلاقة الحميمة والعذرية حتى تلفوني بدأ يرن كثيرا لكني تجاهلته تماما ولم أدرك فيما أنا عليه من هيام إلا بعد أن سمعت أن الاتصال الخامس عشر هي نغمة تخص ست الحبايب(( أمي)) عندها أخذت التلفون وطمأنتها بوصولي

الثلاجة وغدرها المخملي !!
صوت البحر …, صوت أمي .. هي مفردات أنستني تماما أن أتريث عن الاقتراب من ((الثلاجة)).. هذا الفخ الذي يقع فيه الكثير بشعور أو دون شعور ولا تميز بين فقير أو غني بل تفترس الجميع وفي وقت واحد ليس معنى أن من يرتاد هذا الفندق الفاخر يشترط أن يكون غنيا !! فقد تأتي السماء بالفقراء أيضا إما لعمل وطني أو واجب إنساني ..أو..أو… وهؤلاء هم من يجب تحذيرهم من تلك الثلاجة التي لا تصد أحدا ولا ترفض أحدا فبابها مفتوح لمن يريد فتحها دون صعوبة أو مشقة ..مازال البحر يدغدغ أشجاني ولوعتي وماتزال بحة صوت أمي الذي يشبه عذوبة صوت الفنانة المرحومة ((أمينة رزق)) يعصف بي كل هذه المشاعر أسكرتني عن التريث ذهبت أ فتح الثلاجة وما أن بدأت بالانتهاء من شرب العصير والشيكولاه فإذا بباب الغرفة يدق !! ذهبت أفتح الباب فوجدته أحد الفراشين اللطفاء يريد ضبط المكيف ..وحين

قد يعجبك ايضا