صحة البيئة: لا ترى.. لا تسمع.. لا تتكلم
تحقيق هشام المحيا

تحقيق / هشام المحيا –
> بسبب غياب الرقابة الصحية أصبحت الوجبات المقدمة للناس في بعض المطاعم بمثابة جواز سفر إلى المستشفى حيث يصاب مرتادو هذه المطاعم في الغالب بالتسمم الغذائي والذي غالبا ما يؤدي إلى الإصابة بأمراض خطيرة للغاية … يأتي هذا مع عجز شبه تام في المستشفيات اليمنية لعلاج أغلب هذه الحالات …في هذا التحقيق نكشف عن مدى غياب رقابة الجهات المختصة والأمراض التي تسببها الوجبات (اللاصحية) وكيف تتعامل معها المستشفيات في اليمن …¿ نتابع:
بعد قضاء يوم شاق في العمل يأتي المواطن “” ليملأ معدته “” في إحدى المطاعم آملا في تجديد نشاطه ليوفر القوت الضروري لأسرته والتي تعلق عليه أمل الحياة الكريمة في ظل الأوضاع التي يعيشها المواطن اليمني والتي تتسم بالتدني في الدخل وانتشار الفقر والبطالة حيث تقوم بعض المطاعم بتقديم وجبات من المعلبات المنتهية الصلاحية ووجبات أخرى تغيب عنها النظافة الأمر الذي يسبب الإصابة بالتسمم الغذائي وينتج عنه أمراض كارثية لا طاقة للمواطن اليمني على تحملها فكيف إذا تحتم عليه علاجها كالسرطان والتليف الكبدي والفشل الكلوي ليبدأ المواطن المغلوب على أمره رحلة البحث عن العلاج المفقود أصلا في اليمن مما يجعله مستسلما للمرض منتظرا للموت.
من جهة أخرى تفقد الأسرة عمودها الفقري ومصدر دخلها مما يعرضها للفقر المدقع والذي يجبر أفرادها للخروج إلى الشوارع لاستجداء الناس صدقة تبقيهم على قيد الحياة.
ليست الوجبات وحدها من تسبب الأمراض فبعض المطاعم الفخمة تقدم الحلويات دون التزام بمعايير الجودة فبعد فحص عينة من الحلويات تبين أن مادة الصبغة التي تعتبر سببا رئيسيا للسرطان تضاف بكميات مهولة قدرت في أحد المطاعم بما نسبته ٪400 عن المقدار الأصلي .
ضحايا
أحمد أحد الضحايا له خمسة أبناء وأربع بنات أغلبهم في المدرسة يعمل في المهنة الشاقة ” البناء” ذهب إلى أحد المطاعم لتناول وجبة الغداء ولم تمض سوى ساعة واحدة لتناوله الوجبة إلا وهو “يتخبط كالثعبان ” طالبا الغوث والنجدة أصيب أحمد بتسمم غذائي أدى إلى إصابته بالتليف الكبدي زوجته المخلصة كانت قد ادخرت بعض القطع الذهبية لعرس ابنتها فأخرجتها في علاج زوجها ولكن دون جدوى.
علي بن علي من محافظة ذمار يمثل الوجه الآخر للمعاناة حيث المستشفى وجلادوه يقول ” جئت إلى مستشفى الثورة في صنعاء وخلال 28 يوم دفعت مبلغ وقدره 600 ألف ريال و إلى الآن لم يتم الكشف عن المرض ” ويضيف ” بعد اجتماع خمسة من الأطباء لتشخيص المرض أتفاجأ وهم يسألونني ما اسم المرض فلا أدري من الطبيب أنا أم هم” علي يعتقد أن سبب المرض هو تسمم غذائي هذا كل ما يعرفه.
هذه القصص ما هي إلا فيض من غيث وحتى تتضح الصورة أكثر قمت بزيارة إلى قسمي الطوارئ والباطنية في هيئة مستشفى الثورة العام صنعاء وهنا تكمن الكارثة ورأينا العجب العجاب حيث التطور العكسي أصبح ملموسا فالمرضى في الممرات بدلا عن الغرف يرعاهم اهتمام المرافقين أما بعض الأطباء فحالهم حيص بيص وقد يتم التعامل مع بعض المرضى كفئران تجارب وهنا يدلي رئيس قسم الطوارئ برأيه فيقول ” الوضع مأساوي للغاية ” أما الأطباء فيقولون ” لا نستطيع تشخيص المرض لأن الإمكانيات لا تسمح أما بخصوص التسمم الغذائي فأمره صعب لأنه يحتاج إلى فحوصات لا توجد إلا في الدول المتقدمة لذا لا نستطيع معرفة التسمم الغذائي من غيره فكل ما نعرفه النزلات المعوية ” الدكتور أكرم محمد حاول تخمين عدد الحالات التي يستقبلها المستشفى فذكر 15 حالة في اليوم الواحد ما يعني أن المستشفى استقبل خلال الربع الأول من العام الجاري 1800 حالة تقريبا وهو ما يناقض الإحصائية الرسمية لقسم الطوارئ والتي تبلغ 262 حالة مع العلم أن الإحصائية الرسمية ليست كلها تسممات غذائية الأمر يثير التساؤل ويصدق الظنون حول تفشي الإهمال والتعامل مع المرضى اليمنيين بشكل لا يليق أحيانا.
أمراض بالجملة
الدكتور يحيى العزي رئيس قسم الباطنية بمستشفى الثورة بصنعاء يرى أن الأمراض المستعصية في اليمن تنتج عن عدم الرقابة من الجهات ذات الاختصاص فالمطاعم مثلا يقدم العامل فيها الوجبة والجراثيم معشعشة تحت أظافره الطويلة والثياب لا تعرف معنى النظافة أما الأكل فغالبا ما يكون مكشوفا الأمر الذي يجعله عرضة للبكتيريا والجراثيم والفيروسات الدكتور العزي كان قد لفت الانتباه إلى جانب مهم ضيعته وزارة الصحة وهو إجراء الفحوصات للعمال قبل الموافقة على عقود العمل لتأكيد خلوهم من الفيروسات المعدية وبالتالي يتعرض مرتادوا المطاعم للعديد من الأمراض الخطيرة كالسرطان والتليف الكبدي والفشل الكلوي وأمراض أخرى من شأنها أن تودي بحياة الإنسان في إحدى الإحصائيات تبين أن عدد المصابين بالسرطان في الي