سنبوسة.. رمضان
عبدالوهاب الضوراني
عبدالوهاب الضوراني –
• ذلك اليوم.. قرر الاستخارة وعقد النية للصوم اقتداء بالكبار وأقرانه الصغار في الحارة.. صحيح أنه أصغرهم سنا وأقلهم تجربة وتحملا ونضجا ولكنها على أية حال مجرد محاولة وتجربة سواء أصابت أم خابت نجح فيها أم باء بالفشل سيان لم يخسر أو يفقد شيئا المهم خوض التجربة واتخاذ القرار رمضان لازال في بدايته وعشرة الأوائل وأمامه فرصة لا تعوض أو تتكرر أن يخوض لأول مرة تجربة الصوم قبل أن يولي ويشرف الشهر على نهايته وهو كما قال له المعلم في المدرسة أوله رحمة وأوسطة مغفرة وآخرة عتق من النار وهو أيضا فريضة وواجبة ديني على كل مسلم ومسلمة فيه هبط الوحي على سيد الأنام وخاتم المرسلين محمد “صلى الله عليه وآله وسلم” وفيه أيضا نزل القرآن وخاض المسلمون في رحابة أروع ملاحم الفتوحات الإسلامية في شرق وغرب أصقاع وبقاع المعمورة قاطبة والنية والحمد لله موجودة والفرصة لا تزال سانحة ومواتية لاتخاذ القرار وخوض تجربة الصوم لأول مرة في حياته صحيح أن اليوم لازال في أوله ومستهل بدايته وأمامه وقت طويل وطويل جدا حتى يأزف ويحين موعد الإفطار ولكنه على أي حال لا يعدو يوما كسائر الأيام لا يلبث أن ينصرم ويعدي عاجلا أم آجلا وساعاته الثقيلة والمملة والراكدة التي تمرق وتمر أكثر تباطؤا وتثاقلا وركودا كسلحفاة هرمة تكاد تحتضر وتلفظ أنفاسها في أي لحظة ولكنه قطعا سيتلاشى ويزول كأي كائن آيل لا للانقراض والزوال فالبقاء لله وحده.
ومن مكانه راح ينصت ويصيخ السمع لدبيب وقع أقدام أمه وسعالها وتثاؤبها المتقطع والمتكرر وهي تقوم بمزاولة أعمال البيت وإعادة ترتيب محتوياته مجددا: يا ولدي افطر الصوم لا يجب على الذي في سنك وفي صحتك افطر وتمضمض بملح فستكون في عداد الصائمين.
هه.. على غيري إنه استدراج ونوع من الإغراءات المكشوفة والسافرة التي لم تعد تنطلي عليه عندما أزف وحان موعد أذان الظهر أحس بعصافير معدته بدأت تزقزق من الجوع ولكن مهما يكن من أمر لا بد من خوض التجربة والرهان حتى النهاية وآخر المطاف بأي ذريعة وبأي ثمن واليوم أصبح الآن في منتصفه وكلها ساعات قليلة ويحين موعد رفع أذان العصر ومن ثم المغرب موعد الإفطار الحمد لله هانت انها مجرد معادلة ونوع من الاختبار لمدى مقاومته وقدراته وقوة إيمانه لكبح جماح النفس الأمارة دائما بالسوء لو وسوس له الشيطان وأغراه وجعله يفطر لبطل يومه كله وبالتالي خسر الرهان والتجربة للأبد ومش بعيد يكون عرضة ومدعاة لتهكم أقرانه في الحارة وزملائه في المدرسة وإثارة تعليقاتهم واستخفافاتهم له في الرايحة والجاية نعم يجب أن يكون رجلا وعند مستوى المسئولية لأول مرة في حياته ومن مكانه أيضا راح يرقب ويتابع أباه وهو يطوي سجادة الصلاة بعد أن فرغ لتوه من تأدية صلاة العصر وتناهى إليه صوته وهو يغدق عليه لأول مرة عددا من عبارات المجاملة والإطراء:
ما شاء الله شاطر كلها ساعات أو لحظات ويتقبل الله صيامك ولكن لا يجوز الصوم بدون صلاة يجب أن تصلي الفرض حتى يكتمل ويصح صومك.. فعلا.. لقد قال له المعلم في المدرسة إنه لا يجوز شرعا تأدية فريضة الصيام بدون أن تزكيها صلاة وقال أيضا إن الله سبحانه وتعالى R