حول كتاب السكان والتربية والتنمية


إن ما يميز عصرنا هو تشابك وتعقد ظواهره ومشكلاته وخاصة تلك التي تمس مختلف جوانب حياة الإنسان وتأكيد الدراسات العلمية على علاقة وارتباط تلك المشكلات ببعضها مما فرض تكاتف العلماء والباحثين من مختلف التخصصات العلمية وفرض اتجاه العلوم نحو التكامل من أجل الوصول إلى المعرفة التي تمكن من الفهم الأفضل للظواهر والمشكلات المختلفة باعتبار ذلك ضرورة منجهية.
إن ترابط المشكلات والظواهر التي تواجه الإنسان والمجتمعات وتأكيد الدراسات العلمية على العلاقة بين الروحي والاجتماعي والاقتصادي والسياسي وعلى أنها ليست علاقة تتابع وإنما هي علاقة ترابط وتواز حيث لا يغيب أحدها الآخر وبالتالي لا يمكن النظر إليها بمعزل عن بعضها كونها تشكل عناصر شديدة الارتباط فيما بينها.
إن الرؤية الشاملة لمشكلات وظواهر عصرنا المختلفة ضرورة منهجية تتكامل فيها الابعاد الاجتماعية بجوانبها السكانية والتربوية التعليمية ابتداء من امتلاك القدرة على فهم المشكلات الوطنية المختلفة وأولوياتها ووضع الاستراتيجيات والخطط والسياسات وتخصيص الموارد المختلفة واتخاذ القرارات السليمة سوف يساعد على نجاح الفعل التنمو وتوجيه المستقبل وتجاوز تحدياته.
واليمن عاشت قبل وبعد ثورة 26 سبتمبر و14 أكتوبر صراعات لم يسبق لها مثيل بين قوى التخلف العصبية الأسرية المناطقية والقبلية والدينية وبين قوى التحديث والتقدم المدنية واستمر بعد الوحدة.
وعلى الرغم من أن الفترة التي سبقت الوحدة وتلك التي تلت الوحدة لم تتح الفرصة للدراسات السياسية والاجتماعية والاقتصادية باعتبارها مجالات ومناطق يحضر الاقتراب منها بالتحليل والتقييم والنقد المنهجي أو محاولة استكشاف جوانب السلب والإيجاب فيها ومنها مجالات السكان والتربية والتعليم والتنمية كون هذه المجالات تعكس الواقع اليمني بمختلف جوانبه وأبعاده وأن يستكشف منها الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي والحضاري ومدى تخلفه وامتداد خارطة الضعف والتخلف التي تغطي مختلف جوانبه.
والكتاب السكان والتربية والتنمية: جدلية العلاقة محاولة لتأصيل العلاقة بين تلك المتغيرات وتأكيدها لأول مرة في تاريخ الأدب العلمي من أجل رؤى معرفية جديدة.
والكتاب الثاني: السكان والتربية والتنمية – خارطة القوة والضعف: حالة اليمن هو أعمال تلك المعرفة في بناء منظومة من المفاهيم للسكان والتربية والتنمية وللبنى السكانية والتربوية وللنظام التربوي وللبنى التنموية لأول مرة في تاريخ الأدب العلمي واستخدام تلك المفاهيم في تحليل وتفسير مشكلاتنا السكانية والتربوية والتنموية وتقييم ونقد القوى التي سيطرت على الدولة ونظامها السياسي ومؤسساتها السياسية التنفيذية والتشريعية والقضائية لما من شأنه إلقاء الضوء على حقيقة واقعنا من أجل فهمه وبهدف تحفيز التفكير والفعل
لدى مؤسسات الدولة والقوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدني والباحثين وخلق الوعي بها وإحاطة القارئ معرفة بتلك القضايا وإثارة اهتماماته بها بكل موضوعية وتجرد ممكن منهجيا وسياسيا وبعيدا عن أجواء الإثارة والتشويه الذي يرافق عمليات تناول الواقع ومشكلاته ومقاربتها والتي عادة ما تسخر لخدمة أهداف سياسية ومصالح عصبية أسرية وقبلية ودينية اجتماعية واقتصادية والكتابان ليسا مؤلفين دعائيين فإن ما سيعثر عليه القارئ من تحديد للمشكلات التي تكبل حركة تقدمنا والمنهجية التي انطلق الكاتب منها في مقاربة تلك الإشكاليات والتي قامت على مقدمات قيمية ووطنية وعلمية محددة.
ولعل الكتاباتن بالدرجة الأولى هما محاكمات لممارسات سياسية واجتماعية عصبية وتصحيح لمفاهيم مغلوطة أو قاصرة وهو ما عمل الكاتب على تحميله مضمون الكتابين وبوعي منهجي بمعطيات وتفاصيل وأرقام فعلية ومؤشرات تعكس الواقع السكاني والتربوي التعليمي والتنموي غير العادي في زمن غير عادي فالزمن يجري وليس في الجائز إضاعته والوضع لا يسمح بانتظار اللحظة المثالية المناسبة فهناك أجيال من اليمنيين عاشوا وماتوا دون الاعتراف حتى بحقوقهم التي كفلتها الشرائع والقوانين والمواثيق الدولية.
والكتاب عمل علمي يحاول استكشاف ميدان متكامل من المشكلات السكانية والتربوية التعليمية والتنموية وتلك المجالات المتعلقة بالبنى التنظيمية للنظم السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
وباعتبار السياسية وعلمها هي الأداة المنهجية الرابطة لمجمل جوانب حياة المجتمع وأداة لتحليل وتفسير وفهم تلك القضايا الواقعة بين دفتي الكتابين حيث كتبا وثمة رغبة علمية ووطنية فإن الكاتب يعتقد أن الكل مسكونون بمصير اليمن وتقدمه وإدراكه جيدا فإن على القوى الخيرة التلاقي لحل مشكلات البلد ومع ذلك فالحوار يجب أن يجري ويسود باعتبار هذا العمل إسهاما في تحديد وتعيين مشكلاتنا وتحديد مستوى خطورتها ومدى الحاحها في الضغط على الإنسان اليمني واستمرار مكابدته والمرحلة المعقدة التي تمر بها بلدنا جاءت

قد يعجبك ايضا