في ذكرى الوحدة بين يدي لجنة الحوار الوطني الشامل

أ.د. عبد الله الذيفاني

 - 
ونحن نحتفل بذكرى إعادة تحقيق الوحدة اليمنية المباركة الثالثة والعشرين, ينبغي أن يكون احتفالنا مختلفا ويتجه نحو إبانة الحقيقة التي تسعى كثير من الجهات إلى طمسها وإظهار
أ.د. عبد الله الذيفاني –

ونحن نحتفل بذكرى إعادة تحقيق الوحدة اليمنية المباركة الثالثة والعشرين, ينبغي أن يكون احتفالنا مختلفا ويتجه نحو إبانة الحقيقة التي تسعى كثير من الجهات إلى طمسها وإظهار الزيف باسم الحقيقة, ومن ذلك تحميل الوحدة اليمنية كل الأخطاء التي عانى منها اليمن بكل محافظاته منها, وهو أمر لعمري غريب عجيب, كيف يمتلك من يقول هذا الجرأة العلمية والموضوعية على تحميل حدث ما أصابه بشر وأحدثوه في الحدث وفي الناس.
إنني أدعوا كل الذين يبحثون عن بدائل للوحدة اليمنية وغيرهم, إلى أن يقفوا وقفة علمية موضوعية بقراءة معمقة ودراسة محايدة للآتي:
1- ما كانت عليه اليمن بشطريها قبل الوحدة ومواطن عللها واختلالاتها ومقارنتها بما هي عليه بعد مع التأكيد على كل المعاناة التي عاناها الناس وحجمها وطبيعتها وآثارها على الناس والأرض والنسيج الاجتماعي سابقا ولاحقا ومن المسئول عن ذلك هل الشطرية الأنظمة الوطن المجزأ الناس المكبلون والمحصورون في ظل موانع وكوابح من صنع أنظمة وطواغيت
2- العقد السابق لتشكيل ظروف إعلان إعادة تحقيق الوحدة والنفق الذي خرجت منه والكيفية والطبيعة التي أنتجته ومسار استكمال الخطوات.
3- السنوات التالية للإعلان وما حدث فيها وما ترتب عليها ومن ذلك دستور دولة الوحدة ورصاصات الاغتيال التي وجهت إليه وآلية دمج المؤسسات وما رافقها من عبث وفوضى وما نتج عنها من هدر وفقدان لكل أبجديات الإدارة والقرار المدروس والممنهج مجلس الرئاسة نائب الرئيس الاغتيالات السياسية وكل ما صاحبها وتلاها ومن هو المسئول عنها.
4- في ظل الفقرات السابقة وتحديدا الفقرة الثالثة هل رسخت على الأرض مداميك دولة الوحدة وهل حدث تماهي حقيقي لنظامي ما قبل 22 مايو في الدولة الناشئة وهل ضاعت الملامح وبرزت ملامح دولة جديدة حقيقية بمربع القوة الإعلام الجيش والمال والقرار السياسي ومن تحكم بهذا المربع وكيف وظفت الوظيفة العامة في هذا السياق.
تلك خمس فقرات وغيرها مفتوح بحثها نتطلع من دارس محايد أن يخرج بنتيجة وخلاصة تبين حقيقة المشهد وطبيعة المسرح ومن هم الأبطال وأصحاب الأدوار وهل كان ذلك يخرج من مشكاة الوحدة أم من إرث قديم جر نفسه على حدث إعادة تحقيق الوحدة وتواصل بعدها في توليد ثارات جديدة كان سببها وأساسها وغراسها غياب الدولة المدنية العادلة الضامنة المؤسسية التي تحفظ المال والإعلام والجيش والقرار السياسي والوظيفة العامة وتوظفها جميعا لصالح اليمن أرضا وإنسانا وبما يحقق استقرارا وتنمية وانتقالا آمنا لليمن الموحد الجديد.
وأدعو الذين أتعبونا بدعواتهم لنقل تجارب آخرين واستقدام خبراء من دول شتى للحديث عن تلك التجارب بعيدا عن خصوصية اليمن بل وغياب النموذج المماثل لليمن بطبيعتها الجغرافية والسكانية ونسيجه الاجتماعي والعقدي والقومي والوطني إذ أن المطلوب من نقل التجارب هو ضمان توافر الظروف الموائمة للنقل ونجاحه ولا أعتقد أن تجربة الإمارات قد تكون مناسبة لمن يحلو لهم الترويج لذلك فهي فريدة في تشكلها لأنها بنيت على كيانات قائمة اسمها إمارات, وتاريخ قريب قائم على هذه الكيانات فلم يحدث إلا أن جمعت تحت قيادة مشتركة لأبو ظبي ودبي بسبب توافر الثروة لديهما, مع احتفاظ كل إمارة بكيانها الاجتماعي والإداري وهذه تجربة لا تتماثل مع اليمن وطبيعة تشكله التاريخي والاجتماعي.
علينا إن أردنا الدولة الآمنة والمستقرة, أن نبني خياراتنا على دراسة عميقة بعيدة عن النفخ الإعلامي الموجه من آلية الإعلام الدولي التي لم تكن يوما حريصة على الأمة العربية والإسلامية وشعوب العالم الثالث, وأتمنى أن تجرى دراسات بهذا الشأن للتعرف على الأثمان التي دفعتها الشعوب والأمم ثمنا للوصاية والنصح الأجنبي, ولنا في العراق عبرة لمن شاء أن يعتبر.
الخلاصة: إننا نتطلع أن يقف المتحاورون على قضايا حقيقية ويخرجوا بمعالجات موضوعية مقنعة لأمراض اليمن وعلله لا أن يتجهوا مع البوصلة التي تولد عللا جديدة بمسمى فئات وموضوعات ما أنزل الله بها من سلطان,
والله من وراء القصد,,,

قد يعجبك ايضا