عن بناء الدولة والقبيلة

عبدالرحمن طاهر


عبدالرحمن طاهر –
أينما تواجدت الدولة انحسر دور القبيلة السلبي والعكس صحيح بمعنى آخر: حيثما مارست الدولة وظيفتها في بسط سلطة القانون والنظام العام انتفت الحاجة لأي سلطة أخرى ولن يكون حينذاك داع أومبرر لدور أونفوذ ليغطى الفراغ الذي تتركه الدولة حينها سيمتثل الناس في مناطق النفوذ القبلي والأطراف إلى النظام وسينضوون تحت سلطة الدولة ومظلة النظام والقانون الذي يحمي الجميع..
الناس – إجمالا – فطروا على السوية والخير وجبلوا على الصلاح ولديهم استعداد مسبق وفطري للتعلم والأمتثال إلى سلطة توفر لهم الأمن والحماية وما عدا ذلك من اختلالات فهو أمر طارئ وعارض أو بفعل أسباب وعوامل سياسية مكتسبة.
بالنسبة لحالتنا في اليمن لا يعتقد بوجود تعارض حاد بين الدولة والقبيلة أو تقاطع في المصالح أو صراع عليها ألا بما سمح به غياب الدولة- على مدى عقود- من نمو للمصالح الخاصة لبعض الوجاهات في عدد من المناطق على حساب العامة وبات الحفاظ على تلك المصالح- كأمر سائد- يصطدم بمحاولات الدولة بسط سلطتها والقيام بوظيفتها في تلك المناطق..
هؤلاء الناس في تلك المناطق هم جزء يتجزأ من نسيج المجتمع اليمني وهم بحاجة- أكثر من غيرهم- لبناء دولة قوية تبسط سلطتها لحمايتهم وتعمل على تحديث وتنمية مناطقهم وتعليم أبنائهم ورعايتهم صحيا وثقافيا لإدماجهم بالعصر وبالمدنية..
أين تكمن المشكلة إذا في مسألة ضعف دور الدولة في تلك المناطق هل في تخلي الدولة عن وظيفتها¿ أوفي الوقوف المتعمد في وجه سلطة الدولة أم هو الإبقاء المقصود على انغلاق تلك المناطق على نفسها خلال السنوات الماضية.
هذه المناطق ظلت- للأسف الشديد- خارج العصر ومنغلقة على عوامل التمدن والتحديث لعقود وقد نمت جزاء ذلك مصالح خاصة ويعتقد لأسباب سياسية استمر ذلك قبل أي أسباب أخرى بل وبقيت مفتوحة على استمرار الجهل وتكريس عوامل التخلف وربما ت غذية أسبابة بدلا عن تجفيف منابعة وذلك دور الدولة أصلا..
اذا المسالة ليست وليدة اليوم بل لها جذور وأسباب وعوامل مختلفة ومسألة تواجد الدولة من عدمه في تلك المناطق ارتبطت بالإرادة السياسية أولا للحكام وللحكومات المتعاقبة منذ ثورة 26سبتمبر 1962 م كما لها علاقة بالرؤية أو المشروع الذي حملة كل من تولى مسؤولية قيادة البلاد… والسؤال القديم الجديد: إلى متى سيضل مشروع بناء الدولة مؤجلا¿ ثم أي من رؤساء البلد ممن تولوا مسؤولية قيادة اليمن امتلك رؤية لبناء الدولة وأي منهم تجاهل عوامل الجهل والتخلف لم أقل كرسها..¿¿!!
يعتقد البعض أن نموذج الحمدي في بناء دولة مدنية حديثة اصطدام بمصالح خاصة وذهب الرجل ضحية هذا المشروع الوطني شهيدا- رحمه الله- قبل أن يستكمل المشروع برغم شحة الإمكانيات وصعوبة الظروف وحجم التحديات في تلك المرحلة..
سيضل اذا مشروع بناء الدولة المدنية الحديثة لبلدنا حلما قائما بذاته وشرطا لدخول العصر وللخروج من دوائر التخلف والتعصب الأعمى لتجنيب وطننا المزيد من المعاناة ..

قد يعجبك ايضا