الشراكة بين الدولة والقطاع الخاص
د. طـه أحمد الفسيل

د. طـه أحمد الفسيل –
تشير التجارب التنموية في العديد من البلدان النامية والأقل نموا إلى أن مشاركة القطاع الخاص في عملية التنمية يشكل أحد العوامل الأساسية والهامة في نجاح أو فشل عملية التنمية كون مسئولية التنمية تقع على كافة أبناء المجتمع أفرادا وجماعات. وأن وجود شراكة فعالة وإيجابية بين الحكومات والقطاع الخاص يساهم بصورة فاعلة في حفز النمو الاقتصادي وتسريع معدلاته وفي تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية وفي التخفيف من الفقر.
واليمن كجزء من هذا العالم تحتاج إلى هذه الشراكة وبصورة ملحة حيث تكمن أهمية قيامها في أن الدولة اليمنية لـوحــدها لم تعد قادرة على قيادة عملية التنمية بكافة أبعادها المختلفة (الاقتصادية التنموية الاجتماعية السياسية الثقافية وغيرها) وكذلك على مواجهة التحديات الداخلية والخارجية وتوظيف وتشغيل خريجي الجامعات والمعاهد الفنية في الجهاز الإداري للدولة والقطاعين العام والمختلط وايضا الإنفاق بصورة كافية على الخدمات الاجتماعية الأساسية من الموازنة العامة للدولة. في المقابل يؤدي القطاع الخاص دورا اقتصاديا واجتماعيا في الاقتصاد اليمني سواء من حيث كبر حجم نشاطه الاقتصادي أومن حيث حجم العمالة التي يشغلها.
لذلك فإنه ومنذ انطلاق برنامج الإصلاح الاقتصادي والتكييف الهيكلي في بداية 1995م والحديث عن الشراكة بين الدولة (ممثلة بالحكومة) والقطاع الخاص لم ينقطع ومع ذلك فإنه منذ ذلك الوقت وحتى يومنا هذا والإشكالية الرئيسية القائمة في بلادنا تتمثل في أنه رغم الجهود التي قامت بها الحكومات المتعاقبة من أجل افساح المجال للقطاع الخاص لتوسيع أنشطته وزيادة استثماراته إلا أن هذه الأنشطة واستثماراته تواجه معوقات ومشكلات عديدة ومتنوعة ساهمت في عدم تطوير العلاقة الحالية بين الحكومة والقطاع الخاص إلى شراكة حقيقة وإيجابية. كذلك لم يتمكن القطاع الخاص حتى الآن من أن يكون المحرك الرئيسي للنشاط الاقتصادي ولعملية التنمية ومن أن يسهم بصورة فعالة في الدفع بمسيرة الاستثمارات في بلادنا.
فالدولة ترى أنها قد قامت بما يجب عليها وأنها مهدت الطريق أمام القطاع الخاص لكنه لم يتمكن من اغتنام هذه الفرصة وتسلم قيادة عجلة التنمية الاقتصادية والدفع بالنشاط الاقتصادي. في المقابل يرى القطاع الخاص أنه يجب على الحكومة الاعتراف بدور القطاع الخاص الاقتصادي والتنموي وأنه شريك كامل وبنسبة 50% وخاصة في عملية صنع السياسات واتخاذ القرارات مشتكيا بأن الحكومات اليمنية المتعاقبة لم تشركه في مناقشة الإصلاحات الاقتصادية والمالية والإدارية التي نفذتها خلال الفترة الماضية وأن هذه الإصلاحات كانت في إطار مطالب واشتراطات مؤسستي صندوق النقد والبنك الدوليين والمانحين ولذلك لم تتمكن من تحقيق النجاحات المأمولة والمؤشرات الكمية والنوعية المستهدفة.
وفي اعتقادي أنه يمكن إرجاع ذلك بصورة أساسية إلى عدم وجود تحديد واضح ومتفق عليه بين الحكومة والقطاع الخاص لمفهوم الشراكة وطبيعة مكوناته وعناصره الأساسية وما ترتب على ذلك من أمور ونتائج سلبية مثل عدم وجود آلية مؤسسية تنظöم عملية الحوار والتشاور والتنسيق بين الطرفين وغياب التحديد الواضح لأدوار ومجالات التعاون والتكامل بينهما. كذلك تتسم رؤية الحكومات اليمنية تجاه القطاع الخاص بعدم الوضوح والشفافية وذلك على الرغم من أن الوثائق والخطط والخطابات الرسمية تشير إلى أن الدولة قد حسمت خيارها الاقتصادي بتبني نظام اقتصاد السوق وآلياته والعمل على توسيع أنشطة القطاع الخاص واستثماراته من خلال تحديد دورها في توفير الشروط اللازمة والبيئة المناسبة لأنشطة وأعمال واستثمارات القطاع الخاص. كما أن الدولة لا تملك حتى الآن رؤية واضحة لطبيعة دورها الاقتصادي والاجتماعي الذي يجب عليها القيام به في ظل اقتصاد السوق الأمر الذي ساهم في استمرار ضعف البناء المؤسسي والتنظيم الإداري للدولة بصورة عامة والحكومة بصفة خاصة الأمر الذي يشكل عقبة كأداء في سبيل تطوير وتوسيع أنشطة القطاع الخاص وتمكينه من أداء دوره المنشود من قبل الدولة نفسها.
دستوريا تنص المادة السابعة من الدستور اليمني الساري ” يقوم الاقتصاد الوطني على أساس حرية النشاط الاقتصادي بما يحـقق مصلحـة الفرد والمجتمع وبما يعزز الاستقلال الوطني وباعتماد المبادئ التالية… الأمر الذي اطلق الحرية الكاملة لكافة الأنشطة الاقتصادية بدون توجيهها نحو تحقيق أهداف اقتصادية تنموية وطنية محددة وكذلك دون تحديد طبيعة الدور الاق
