المسرح اليمني والرؤية المستقبلية
منصور مطير

منصور مطير –
من بديهيات القول إن الثقافة تتولد من الشعب وتلد الشعب وهي مادامت كذلك فلا بد لها أن تخدم الشعب بدون استثناء وتضم في ساحاتها نشاطات الشعب كافة وبالتالي الثقافة كفاح وأسلحتها لا تختلف عن ما هو معروف من أسلحة فالثقافة هي المميز الأساسي لكل مجتمع إنساني والمجتمع بدوره يتميز بها فالثقافة ينبغي لها أن تساير التجديد وأن تتمازج فالتمازج أصل الحضارة الإنسانية إلا أنه لا يجوز التساهل بمحاولات مزج الثقافات المتعادية والمتضادة فهي بطبيعتها لا تقبل المزج لأنها من روح الشعب والشعب هو من يلفظ الثقافات التي لا تعبر عن روحه وستظل كلمات حكيم الهند خالدة عندما قال (( لتفتح نوافذ بيتي للهواء والشمس ولتهب علي ثقافات الأرض جميعا ولكنني أرفض أن تقتلعني أي منها من جذوري)) .
إن الثقافة تقيس درجة وجودنا وقدرتنا على الحياة فإذا كانت بدون هدف أصبح المواطن بدون هدف وبدون هوية .
فأي مجتمع من أهدافه الوحدة والقضاء على الاستغلال والتخلف بمعنى أن أي مجتمع يتبنى الثورة بكل ما للكلمة من معنى فلا يجوز أن تكون له ثقافة بما تسمى ثقافة النخبة لأنها ثقافة طبقات معينة كرسوا جل ثقافتهم لخدمة فضائل الحكام أكثر مما تخدم القيم الإنسانية المشتركة ودهسهم لتلك القيم وكذا ثقافة استغلال الإنسان للإنسان بطريقة أشد بشاعة وظلما.
إن الثقافة التي تبحث عنها مجتمعاتنا هي الثقافة للشعب…من الشعب…ولكل الشعب…ومن هذا المنطلق يجب أن نعيد النظر بواقعنا في المسرح كأداة من أدوات الثقافة التي نريدها ونطلبها بقوة وكما قال سعد الله ونوس في إحدى مقالاته عن المسرح: إن المسرح في الواقع هو أكثر من فن أنه ظاهرة حضارية مركبة سيزداد العالم وحشة وقبحا وفقرا لو أضاعها وافتقر إليها..إن المسرح الذي نريده لمجتمعنا هو المسرح المناضل والملتزم لأهداف الشعب مسرحا يضطلع بالمهمة الثقافية التربوية الكبرى الملقاة على عاتقه مسرحا يترجم مشاغل الشعب الحقيقية وطموحاته العميقة فيعرض تناقضات المجتمع لأن التناقضات هي من صميم الحياة.
لذا يجب أن ندرس أحسن الوسائل لتعميم المسرح على الشعب وعن أنجع السبل لخلق وعي مسرحي حقيقي بين جمهورنا ابتداء من تلميذ المدرسة الابتدائية وانتهاء بالشيخ الطاعن بالسن يجب أن نحدد بصدق وبمسؤولية أسباب أزمة المسرح وأن نجد الحلول الجذرية الملائمة له.
المشكـــلة
إن مشكلة استمرار غياب المسرح بصورة قد تكون شبه كاملة في بلادنا وعدم اعتباره جزءا من حياتنا اليومية الثقافية لمؤشر خطير جدا قد ينتج عن التخلي شيئا فشيئا عن إحياء التراث وتمزيق الهوية الوطنية وكذا الاستمرار في تجهيل الشعب.
فالإشكالية تكمن في الآتي:ـ
أين البنية التحتية للمسارح ¿
أين دور المؤسسة العامة للمسرح والسينما كجهة مباشرة ومسؤولة عن النشاط الثقافي¿
ما مدى فعاليات المسرح اليمني وخدمته لقضايا المجتمع¿
ما مدى تفاعل الأنظمة المالية مع النشاط الثقافي عامة والمسرحي خاصة¿.
أهمية الموضوع
تكمن أهمية الرؤية كون المسرح والثقافة بشكل عام تعتبران ركيزة أساسية ومهمة في بناء المجتمع وتطويره ولا يتم نجاح أي فكرة أو مشروع إلا بدراسة وتخطيط مسبق فانعقاد مثل هذه المؤتمرات الثقافية وإبداء البحوث والآراء شيء مهم للخروج برؤية واضحة تساعد صناع القرار في اتخاذ القرارات المناسبة لمستقبل راق لمسرح يمني يواكب كل متغيرات العصر.
تقسيم الموضوع:ـ
> المنشآت المسرحية
إن مما يزيد من انعدام الرؤية المستقبلية للمسرح في بلادنا هو عدم وجود بنية تحتية متخصصة ومصممة خصيصا لهذا الفن الراقي بنفسه فنحن نحتاج إلى مسارح كتلك المسارح المعروفة عالميا في تصميمها الداخلي والخارجي بحيث نضفي عليها الطابع اليمني الخاص لنميزها وتكون موزعة كخطوة أولى على المدن الرئيسية الكبرى كلبنة أساسية نحو تطوير المسرح اليمني بالإضافة إلى إيجاد المسرح الجوال أو المتنقل لكي يغطي الأرياف المحرومة من المسرح وهذا لن يتم إلا بتضافر الجهود كلها وبتوجه حقيقي من السياسة العامة للدولة فبالمسرح نحيي أصالتنا لنعيد قوتنا مع قوتنا.
> المسرح كمادة تدرس في المدارس
لتدارك الأخطاء وتصحيحها وإعادة بناء الأجيال وتنشئتها التنشئة الحقيقية والمحافظة عليها من الانجرار نحو اللاثقافة يتطلب من الدولة إدراج المسرح واعتماده كمادة أساسية تدرس كغيرها من المواد وتسخير كل الإمكانيات في كل المدارس وتزويدها بقاعات مسرحية صغيرة لتصبح في مهمتها كمعمل ثقافي يصنع الإبداع وينتجه ويرعاه بين صفوف أجيالنا منذ الصغر ومن هنا ينشأ الفرد تنشئة ثقافية يكون ملما بكل جوانب الحياة بعدها ينتقل المسرح كمادة من مرحلة التعليم العام إلى اختصاص قائم بكل مفرداته في الجامعا