حتى لا تحدث أعظم نكسة!!
عبدالحليم سيف
عبدالحليم سيف –
إن ما يجري في هذه اللحظات الفارقة والمصيرية من تناحر ومذابح يشير إلى أن مشاهد الحملة الشعواء ضد العرب ليست حديثة العهد فهي قديمة ومتجددة تمتد من الماضي البعيد إلى الحاضر اليومي وتختلف الأساليب وتتطور بتغير المراحل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ونحوها.
< لم يحدث فيما تعيه الذاكرة الجمعية أن تجيء ذكرى نكسة أو هزيمة الخامس من حزيران 1967م وعالمنا العربي الكبير في أحوال كارثية وأوضاع مزرية وظروف مأساوية من واقع راهن مشحون بمحن وفواجع حرائق الحروب المشتعلة بأيدي إخوة "الوجع والمصير المشترك" لصالح المشاريع الغربية والإقليمية وما أكثرها!!
إن ما يجري في هذه اللحظات الفارقة والمصيرية من تناحر ومذابح يشير إلى أن مشاهد الحملة الشعواء ضد العرب ليست حديثة العهد فهي قديمة ومتجددة تمتد من الماضي البعيد إلى الحاضر اليومي وتختلف الأساليب وتتطور بتغير المراحل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ونحوها.
وفي هذا الإطار المتشح بالسواد والرماد والخراب والدماء لا نجد شيئا في عالمنا العربي ينتسب لمناخ ما بعد قمة اللاءات الثلاث “لا صلح.. لا تفاوض.. لا سلام مع إسرائيل” تلك القمة المنعقدة في الخرطوم بزعامة الرئيس الخالد جمال عبد الناصر رحمه الله رفضت القبول بالهزيمة وأصرت على تجاوزها وتصفية أثارها وهو ما كاد يتحقق بعد حرب الاستنزاف ومن ثم حرب أكتوبر 1973م بيد أن زيارة الرئيس الراحل أنور السادات للقدس المحتلة عام 1978م ثم توقيعه بعد عام لاتفاقية كامب ديفيد طوحت “باللاءات” أخرجت مصر من ساحة المواجهة مع “العدو التاريخي” ومكنت الكيان الصهيوني وبتواطؤ أميركي من تصفية القضية الفلسطينية بفعل اتفاق أوسلو 1993م وما آل إليه الحال اليوم معلوم للجميع!!
غير أن هناك على الأقل أسبابا كبيرة للتشاؤم من المستقبل وقد أصبح التشاؤم العنوان الأضخم لتراجيديا عربية بعينها فالخلافات والتحديات التي واجهها العرب في سني الثمانينيات والتسعينيات لم تعد ذاتها اليوم أبرزها ما تحمله أخطار القوى الدولية والإقليمية.. ففيها أكبر بكثير مما كان بالأمس ولم يكن ذلك ليحدث لولا قيام منظمة الحكام العرب الراحلين من الحياة والسلطة والوارثين والباقين ممن سلموا مقدرات شعوبهم ومصائر أوطانهم للآخرين يفعلون بها ما يشاءون!!
فالمرحلة الممتدة من ابريل 2003م على وجه التحديد إلى الآن شهدت أربعة أحداث كان لها ابلغ الأثر في تعرض المنطقة لإعادة رسم أوضاعها السياسية وفرض واقع جديد ما تزال معالمه مجهولة هذه الأحداث هي:
أولها : الغزو الأميركي البريطاني للعراق في أبريل 2003م واحتلاله وتدميره وإعادته إلى القرون الوسطى مع نشر فيروس الطائفية ومنذ ذاك جاء من يركب موجة غير إسلامية ليولد صراعا مذهبيا في بلاد الرافدين ويهدد بإشعال المنطقة.
ثانيها : الانتقال بمشروع الشرق الأوسط الكبير إلى إحياء مخطط التفتيت وترك المنطقة تتآكل من داخلها وتحترق ولا من يخمد نيرانها.. وفي هذا الشأن تم استدعاء التركيبة الإثنية واللغوية والحضارية لتمزيق الدول العربية إلى دويلات ميكروسكوبية وفيدراليات قبلية وكانتونات مذهبية وهذا يأتي في إطار إعادة إنتاج الخطة البريطانية – الفرنسية (سايكس -بيكو) التي قسمت العالم العربي منذ نحو تسعة عقود من الزمن!!
ثالثها : الحديث الذي لا ينقطع في وسائل الإعلام التقليدية والالكترونية عن مخططات التجزئة والتقسيم بالتزامن ونشر أفكار مغلوطة لا تمت للواقع والحقيقة بصلة من ذلك ما يزعمه بارنارد دوينج اليهودي – البريطاني بأن العرب ليسوا مجموعة متجانسة بل هم عبارة عن جماعات عرقية ولغوية وحضارية مختلفة.. لا بد من اللعب على هذا الوتر للإيقاع بينها.. فثمة عرب.. مسلمون ومسيحيون.. سنة وشيعة.. أكراد ودروز.. أقباط وموارنة وأشوريون وزنوج!!
رابعها : انفجار ثورات الربيع العربي (2011م) لإسقاط أنظمة الاستبداد والفساد وهو زلزال فوجئ به الجميع.. فكان أن أسرعت دول الهيمنة نحو حرف مسار هذه الثورات والتي لم تبلغ ثمارها بعد إلا أن الخطر الأكبر يكمن في الالتفاف على الانتفاضة السوريةفبعد ستة أشهر من الاحتجاجات السلمية تتحول بأصابع إقليمية ودولية إلى حرب طاحنة بين الجيش النظامي والمعارضة المسلحة وتوسعت شيئا فشيئا لتصبح اليوم حربا دموية والقتل والقتل الآخر على الهوية وزاد من سعير الحرب تورط مليشيات وجماعات خارجية تقاتل مع هذا الطرف أو ذاك وهذه الحرب المجنونة تستهدف الإجهاز على ما تبقى من سوريا وتمزيق النسي