عادة ليست سرية.. وأقاصيص فائرة

محاسن الحواتي


محاسن الحواتي –

لمرات عدة تهوى من علياء فردوسه ترتطم نبساته تتشظى في أجزائها تصرخ ا ج م ع ن ي..
بين نائم جائع على الرصيف
ونائم آخر يرتجف من البرد
ثالث أسر
ورابع هلك..
عندما أقرر كتابة حكايتي معك
ساوقن أنني رقمت كل خرائبك
في داخلي ومن حولي..
عندها قد لا أفعل!
ستنبش الشروخ تاريخها
ستجدد قيمك وضعفي
وأفضلية أن تكون منسيا..
هذه بعض من إبداعات القاصة والروائية المبدعة د.نادية الكوكباني من كتابها (عادة ليست سرية) شدني عنوان الكتاب قبل القراءة خاصة وأنها تعمدت إهدائي كل أعمالها في لقاء لم يكن مرتبا له لكنني كنت الرابح الأكبر فيه لأني ضممت إلى مكتبتي أجمل أعمال الصديقة الرائعة نادية الكوكباني.
ان اسلوب نادية القصصي يدخلك عنوة في عوالم الدهشة ما إن تسترخي قليلا إلا وتفاجأ بمطب كبير بنقلة أكبر بخوف فاجعها بدهشة غير متوقعة.. أعجبني ذلك وتورطت معها في حب هذا الاسلوب الذي يشد القارئ ويسوقه طواعية حتى نهاية الكتاب.. فمنذ اللحظة الأولى التي أمسكت بها كتاب (عادة ليست سرية) وأنا في قلق ممتع لأن النهايات لا تنهي القصة بل تفتح لها سردا آخر محتملا.
الكوكباني تعيش تفاصيل صنعاء المدينة الأبهى تتلمس الوجع الخفي رغم جمال المدينة وحلاوتها.. تأخذ هموم المرأة الكثير من القصص والأقاصيص جروح صغيرة وأخرى اكبر لنساء يعشقن بصدق ففي إحدى الأقاصيص تقول:
عاد من رحلته أخبرها أنه اشتاق لها كثيرا
أنه لم يتوقف قط عن التفكير فيها رغم مشاغله أنه تمنى وجودها في كل اللحظات وفي كل الأماكن الجميلة التي زارها.. أنه كلما تذوق طعاما لذيذا تمنى لو تذقه معه انه كلما تسللت اليه رائحة عبقة لامرأة مارة إلى جواره كان شذاها يسكنه.. أنه كلما عاد إلى غرفته في الفندق وحيدا كانت حاضرة معه رغم الغياب.. أنه لم يتذكر أحدا في رحلته غيرها.. رغم افتقاده للصغار انه لم يشتر لاحد هدية سواها خبأها في حقيبة أوراقه ويتمنى لو تنال اعجابها زجاجة عطر غالية الثمن أنيقة الزجاجة راقية الشذى أحدث ما نزل في الاسواق الحرة يقول لها ذلك في كل عودة له ليبرر سفره وحيدا بحجة لقاءات العمل الرجالية فقط وصعوبة التنقل معها في المطارات والمدن التي يزورها.. تذوقت شذى العطر أعجبها شكرته طبعت على خده قبلة شكر وعرفان على مشاركتها كل هذه اللحظات رغم الغياب لن تفسد عليه فرحة عودته وفرحة هديته وستحدثه لاحقا عن متاعبها في غيابه وعن معاناتها مع صغارها ومشاكلهم في البيت والمدرسة في المساء أصبح المنزل أكثر هدوءا أخذت حماما دافئا ارتدت قميص نومها الأسود الذي يفضله أخرجت هديته أعجبها مجددا شذاها العبق ستنام الليلة بعمق كما لم تفعل منذ رحيله.. افتقدته.. دغدغة عنقها بقطرات من العطر وإلى حين وصوله راحت تهندم عليه الزجاجة وكيسها لتحتفظ بهما كما تعودت مع هداياه السابقة سقطت من الكيس ورقة صغيرة أدهشتها! قرأتها كانت وصلا بقيمة أربع زجاجات من ذات العطر..!
الكوكباني في هذا العمل دخلت إلى خبايا النساء وفتشت بعثرت صادفت الكثير مما لا يقال لكنها حاولت أن تضيء وتبرز اركانا من هذه الخبايا وأفلحت في ذلك امتطت جواد الإبداع وأمعنت في التصوير الدقيق سردت (عادة ليست سرية).
بين حين وآخر أمارس العشق مع جثث تمر على اكتاف المشيعين أو مع أوصال لبقايا الحروب! أو مع أنصاف رجال عابرين.. وهي الاقصوصة القصيرة جدا والتي حملت عنوان الكتاب وكانت لافتة ومثيرة في آن…. إن الكوكباني في أقاصيصها الفائرة لحنا سرديا خاص تفتح للأقصوصة مجالا أوسع من عباراتها القصيرة واختزالاتها المعروفة ففي إحدى القصص تقول: اشتري عقد فل صليه على مرآة سيارته المنظر يستفز المها يجيد صلبها بتلك الرقة يفتحها تنهزم وينتصر العفن..
لاقول لي إلا أن رائعة السرد هذه لها قدرة عالية على البوح تسبح في أفقها الخاص بلا حدود تعبر عن بنات جنسها حزنا ألما وفرحا تتصل الحروف على ابواب الورق تختار لنفسها دوما أن تكون معهم ولهم..

أخيرا مقتطف:
لوجهه نوافذ عدة… تقبع خلفها أقنعة عدة يستخدمها في حالات عدة.. المدهش إظهارها إخفاؤها تبديلها بذات الجدة!

قد يعجبك ايضا