»المساعدات المميتة«

أ. د. عبدالله غالب المخلافي

 - عنوان مثير بل ربما انا شخصيا استفزني لأنه يتعارض مع قناعاتي الشخصية والعلمية لاعتقادي بأهمية المساعدات للدول النامية لتحقيق ولو جزء من غاياتها التنموية المنشودة خاصة تلك الدول النامية التي تعاني من فجوة تمويل التنمية الاقتصادية شريطة ان يتم توجيه كل ا
أ. د. عبدالله غالب المخلافي –

عنوان مثير بل ربما انا شخصيا استفزني لأنه يتعارض مع قناعاتي الشخصية والعلمية لاعتقادي بأهمية المساعدات للدول النامية لتحقيق ولو جزء من غاياتها التنموية المنشودة خاصة تلك الدول النامية التي تعاني من فجوة تمويل التنمية الاقتصادية شريطة ان يتم توجيه كل المساعدات والمنح والقروض لتمويل خطط وبرامج التنمية الاقتصادية مع عدم تسرب أو هدر أو الفساد في اي من تلك المساعدات..
هذا عنوان كتاب للمؤلفة «دامبيسامويو» التي ولدت وتعلمت في زامبيا ومن خلال هذا الكتاب اضافت المؤلفة خبرة أكاديمية واسعة وخبرة حياتية من العالم الواقعي وقد تمرست في حقل الاقتصاد وتنقلت في الوظائف بين البنك الدولي وجامعتي هارفارد واكسفورد وحصلت على درجة الدكتوراه من جامعة اكسفورد وبعد انهاء دراستها العلمية قضت ثمانية اعوام في بنك جولدمان ساكس ومؤخرا تعمل خبيرة في الاقتصاد العالمي والاستراتيجيات صدر هذا الكتاب عن مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية وترجمه المركز ايضا في عام 2011م التحية والتقدير لمركز الامارات على جهوده البحثية العلمية بامتياز ونشاطه المتميز في ترجمة الكثير من الكتب في مختلف مجالات العلوم وبالذات العلوم الاقتصادية واتاحتها للقارئ العربي وانا منهم فللمركز الشكر والتقدير والعرفان وندعو له بالتوفيق والمزيد من التميز في ما ينفع الناس ويمكث في الارض.
وعود إلى الكتاب المعنون بالمساعدات المميتة يبدأ الكتاب برسالة وجدت على جثتي شابين بعمر الورود من غينيا اسم الاول ياجويين كويتا والثاني فودتونكارا كانا متخفيين في حجرة عجلات الطائرة في محاولة للوصول الي اوروبا وكان نص الرسالة مايلي « إلى اصحاب السعادة والمسؤولين في اوروبا: نحن محرومون كأطفال نواجه الحرب والمرض والجوع ونريد ان نتعلم ونرجوكم ان تساعدونا في افريقيا لنتابع دراستنا لكي نصبح مثلكم» انتهت الرسالة.
يطرح الكتاب اسئلة عديدة تعكس رؤية المؤلفة وانتقاداتها للمساعدات لافريقيا وان تلك المساعدات هي المسئولة عن تخلف وتدهور الاوضاع وبالذات الاقتصادية في افريقيا من تلك الاسئلة على سبيل المثال وليس الحصر لماذا تهدر المساعدات الدولية بلا طائل وما هو الطريق الافضل لتنمية افريقيا ¿ لماذا تتخبط اغلبية دول جنوب الصحراء الأفريقية في حلقة الفساد والفقر والمرض والاعتماد على المساعدات والتي تبدو بلا نهاية¿ لماذا استطاعت المناطق الناشئة الأخرى أن تتجاوز الصعوبات وتتجه نحو الرخاء الاقتصادي¿ لماذا اخفقت القارة الأفريقية في ذلك¿
وفي إجابة واضحة ومحددة من وجهة نظر المؤلفة التي ترجع أسباب الفقر والجهل والمرض وتدهور الأوضاع وبالذات الاقتصادية عما كانت عليه في معظم الدول الافريقية إلى تدفق المساعدات من مختلف دول العالم إلى أفريقيا حيث تقول:
إن الدول الأفريقية فقيرة بالضبط بسبب برامج مساعدات التنمية المتدفقة إلى أفريقيا بما يزيد عن (300 مليار دولار) منذ عام 1970م.
وتضيف: إن تلك المساعدات والهبات ساهمت في جعل الفقير أشد فقرا وساهمت في إبطاء النمو نقتبس بعضا من كلمات المؤلفة «كانت المساعدات – وستظل – كارثة سياسية واقتصادية وإنسانية لا يمكن التخفيف من ويلاتها بالنسبة لمعظم أجزاء العالم النامي».
وحسب رأي دامبيسا فإن الدول الأكثر اعتمادا على المساعدات سجلت نموا سلبيا سنويا بمعدل ناقص .02% وبين عامي 1970- 1998م حيث كانت المساعدات في ذروتها في التدفق إلى أفريقيا ارتفع معدل الفقر في القارة فعليا من 11% إلى رقم مذهل بلغ 66%.
وترجع المؤلفة دامبيسا حدوث وارتفاع معدل الفقر في أفريقيا خلال الفترة المشار إليها آنفا بسبب تدفق القروض الميسرة والمنح (في غير الحالات الطارئة) وأن ذلك ترك تأثيرا في أفريقيا مشابها إلى حد بعيد لتأثير حيازة الموارد الطبيعية الثمينة والتي تعتبر شكلا من أشكال اللعنة لأنها تغذي الفساد والصراع وفي الوقت ذاته تثبط عزيمة المشروعات الحرة والقطاع الخاص.
تذكر دامبيسا بعض الأمثلة للفساد الذي يتغذى على المساعدات حيث تقدر سرقات رئيس زائير موبوتوسيسي سيكو خلال سنوات حكمه بما يعادل إجمالي الديون الخارجية للبلاد بأكملها أي نحو خمسة مليارات دولار وفي الوقت الذي كان يطالب الجهات المانحة بتخفيض فوائد القروض على بلاده كان يستأجر طائرة كونكورد لكي تنقل ابنته في ليلة عرسها إلى ساحل العاج. وحسب أحد التقديرات هناك على الأقل عشرة مليارات دول

قد يعجبك ايضا