بين اليأس والأمل (5)
ناجي عبدالله الحرازي


ناجي عبدالله الحرازي –

فإذا كانت مشاكل الماضي وأزماته التي سيناقشها المشاركون في الحوار الوطني بحاجة إلى طول بال وصبر لاحدود لهما فإن مشاكلنا الآنية التي يتحمل مسئوليتها ولاة أمورنا خلال العقود الماضية وحكوماتنا المتعاقبة التي ظلت دائما تتحجج بشحة الإمكانيات وبأننا دولة نامية لاتحتاج منا إلى حوار أو إلى مبادرة خليجية ولايمكن للمجتمع الدولي أن يحلها لنا نيابة عنا.
هذه المشاكل لها علاقة بسوء الإدارة وما يرتبط بها من سلبيات ولا علاقة لها بعوامل خارجية بالخارج ولا بنظرية المؤامرة ولايمكن تحميلها أكثر مما تحتمل مشاكل تبدأ بمتاعب الحياة اليومية التي نعلم جيدا أن أجهزتنا الحكومية تتحمل مسئوليتها ولا تنهي أبدا إذا ما ربطناها بمعوقات التنمية الشاملة التي كان يفترض أن تتحقق خلال العقود الخمسة الماضية من ثورتي سبتمبر وأكتوبر ولم تتحقق بعد والتي ستعاني منها أجيالنا القادمة ولن تغفر لنا إذا لم نفعل شيئا بخصوصها.. إذا ما تأملنا مشاكل اليمنيين وهمومهم اليومية فسنجد أنها تبدأ من منازلنا التي تحيط بها المنغصات شبه اليومية (انقطاع التيار الكهربائي المتكرر – وشحة مياه الشرب – وضعف مستوى النظافة العامة وكذلك انعدام الشعور بالأمن والاستقرار).
وهذه يمكننا ويمكن للجهات المختصة أيضا التعرف عليها والشعور بها أينما توجهت أنظارنا داخل المدن أو في الأرياف وإن بدرجات متفاوتة.
وهناك أيضا تلك المشاكل المتعلقة بمدارسنا الحكومية أو الأهلية – الخاصة – (كازدحام الفصول – وتأخر الكتاب المدرسي – انعدام الأنشطة المدرسية المفيدة للعقل والجسم – ارتفاع نفقات التعليم في المدارس الخاصة) إضافة إلى مشاكل الرعاية أو الخدمات الصحية التي لا تخفى على أحد منا.
أما مشاكل العمل (الواسطة والمحسوبية وعدم الالتزام باللوائح والأنظمة وبمبادئ الثواب والعقاب والرجل المناسب في المكان أو الوظيفة المناسبة) فحدث ولاحرج.
ناهيك عن مشاكل دوائرنا الحكومية التي تبدو في أمس الحاجة للتغيير (ليس فقط تغيير الأشخاص وإنما تغيير أسلوب الإدارة) والانتقال إلى مصاف الدول التي سبقتنا رغم علمنا الأكيد أننا بدأنا مشوار التنمية قبلها فباتت اليوم تسبقنا أو تتقدم علينا بخطوات.
وهذه كلها مشاكل ليست بحاجة إلى مبادرة خليجية أو إلى تدخل المجتمع الدولي وعطف المانحين بل تحتاج منا وتحديدا من الجهات المختصة – كلا في مجال اختصاصها – إلى إرادة حقيقية في إنقاذ ما يمكن إنقاذه وليس فقط التغيير إلى الأفضل أو الانتقال إلى مستوى الدول التي سبقتها لأن ذلك قد يتطلب وقتا طويلا.. على أن يعمل الجميع في حدود الإمكانيات المتاحة أولا بحيث لا نحلم بالمستحيل ونتوقع أن تنتقل مدننا وقرانا إلى القرن الواحد والعشرين كما يفترض بل أن نكتفي بأفضل المتاح حتى تتوفر الموارد التي نحلم بها والتي قد تحقق لنا أحلامنا إذا ما أحسنا إدارتها والتصرف فيها.. وللحديث بقية.
