مؤتمر الحواس
محمد محمد العرشي

محمد محمد العرشي –
< أهدي هذا المقال إلى الأخوة والأخوات أعضاء لجنة الحوار وكل عضو
وعضوة معني بقراءة هذ المقال لعله يجد فيه عبرة وعظة..
نامت إحدى العينين وأغمضت جفنها وبقيت الأخرى يقظانة وجفنها مفتوح , وبعد أن استيقظت النائمة, قالت النائمة للأخرى ما لي أراك مفزوعة وخائفة¿ ردت عليها وأنت مالي أراك فرحة وحالمة¿ يا سبحان الله عينان في جسم واحد ترى الواحدة مالا تراه الأخرى, قالت النائمة: لقد رأيت المستقبل والأرض خضراء ومزدهرة والأشجار مثمرة والأنهار تجري والغيول تتفجر ينابيعا من شقوق الجبال, والشباب يعملون, وقالت الأخرى: لقد رأيت البيئة متدهورة والمياه أصبحت غائرة والصحراء تزحف رمالها على الأرض الزراعية فتغطيها برمالها وأشجار السيسبان تزحف على الأرض الزراعية فتهلكها والشباب عاطلون عن العمل.
وتوقفتا قليلا وقالتا لو نتبادل الأدوار فيما بيننا¿ فتبادلتا الأدوار ورأت كل واحدة منهما ما رأت الأخرى, وبعد نقاش وحوار اتفقتا على أن الحلم لا يغير الواقع بل لابد أن تعمل معهما باقي الحواس واستدعيا بقية الحواس في الجسم فاجتمع العقل واللسان والعينان والإذنان والأنف والرأس واليدان والرجلان وتحاور الجميع حيث شرحت العينان ما جرى بينهما من حوار وما رأيا في حلمهما. واتفقت جميع حواس الجسم أن تعمل متكاتفة لتغيير الواقع باعتبار أن الإنسان خليفة الله في الأرض و{إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}.
فبدأ العقل يفكر ويبحث عن آلية للتغيير وبدأت الأذنان تسمعان خرير المياه وحفيف الأشجار وزقزقة العصافير والحان الغناء وأصوات الموسيقى وغناء الفنانين وأصوات الخطباء والشعراء والمذيعين وبالمقابل بدأتا تسمعان ضجيج الآلات وأصوات المرضى والمظلومين وبكاء الأطفال ونواح الثكالى وأصوات دعاة السلام وأصوات دعاة الحرب والدمار وبدأت تسجلها وتحيلها إلى العقل ليقوم بدراستها وتحليلها لتساعده في إعداد آلية للتغيير.
وبدأت العينان تريا كل ألوان الطيف وألوان الشجر والزهر والنباتات واستمرتا تنظران إلى كل المناظر الجميلة إلى كل ما خلق الله على هذه الأرض وكيف تتحرك وتعمل الكائنات الحية في الظلام والنهار وكيف تتعايش الحيوانات في الغابات والأدغال مع بعضها البعض وكيف تعيش الحشرات وكيف تحافظ على نفسها وتدافع عن حياتها وبالمقابل استمرت العينان تريان ما يفعله الإنسان من تدمير الأرض والشجر والتربة ما أدى إلى القضاء على الغابات ونشر الحرائق والخوف وكيف يقتل الناس بعضهم البعض لأتفه الأسباب وواصلت العينان النظر في حياة الإنسان بإرسال كافة مناظر الحياة بأشكالها المختلفة إلى العقل ليقوم بدراستها وتحليلها لتساعده في إعداد آلية للتغيير.
وبدأ الأنف يعمل فقام باستنشاق كافة الروائح الجميلة للأزهار, للنباتات, للأشجار, للمواد, وبعد ذلك قام الأنف باستنشاق كافة الروائح الكريهة وتنبه أن معظم الروائح الكريهة هي من صنع الإنسان, وقام بإرسال ما توصل إليه إلى العقل ليساعده في إيجاد آلية للتغيير, وتساءلت الرجلان واليدان واللسان, وماذا علينا أن نعمله وتحاورت طويلا عن ما يجب أن تعمله ولم تتفق على أي عمل يجب أن تقوم به كل واحدة منهن وبعد طول نقاش وأخذ ورد تم التوصل إلى أنه يجب الرجوع إلى العقل ليقوم بالتوجيه بالأعمال التي يجب أن تقوم به هذه الحواس, ولم تتنبه هذه الحواس أنها برجوعها إلى العقل قد توصلت إلى أهم قاعدة يجب أن تحكم نشاط حواس أفراد الإنسانية وأن اللسان واليدين والرجلين لو رجعت إلى العقل في كل نشاط تقوم به لاستقامت حياة البشرية واستقرت, وتجنبت البشرية الكثير من الكوارث التي حدثت عبر العصور والأجيال وأن أكثر المشاكل تكمن في تسرع اللسان واليدان والرجلان في ممارسة أعمالهن دون الرجوع إلى العقل مما أدى إلى وجود الخلل في حياة البشرية .
واجتمعت الحواس في جسم الإنسان وعرضت كل حاسة ما عملت وقدمته للعقل إلا أن اللسان واليدين والرجلين شرحت للعقل عن توقفها واختلافها حول العمل التي يجب أن تقوم به والتي يجب أن تبدءا به.
وأجاب العقل لقد كنت متأكدا أن اللسان واليدين والرجلين سوف تتوقفان عن العمل, وترجع ألي باعتبار أن خلق الإنسان السوي يستدعي أن يكون عمل اللسان واليدين والرجلين تنفيذيا لما يصدر العقل إليها جميعا من توصيات وأوامر وأن الخلل الموجود في حياة البشرية هو في عدم تقيد اللسان واليدين والرجلين بأوامر العقل وأن ما أصابته البشرية من نجاح منذ خلق البشرية إلى الآن هو التزام اللسان واليدين بأوامر العقل فعمل العقل والأذنين والعينين يبدأ أولا وبعد ذلك يبدأ عمل اللسان واليدان والرجلان, وما أصاب البشرية من كوارث في كافة المجالات هي نتيجة تسرع اللسان واليدان والرجلان دون الرجوع إلى العقل.
واستمر مؤتمر حواس الإنسان في حوا