لأننا ذو حضارة

جميل مفرöح

 - في نهاية كل خلاف واختلاف أو مشكلة أو أزمة أو سوء تفاهم يشخص التفاهم والحوار كحلö أولي مطلق ومتعارف عليه فالحوار المباشر سواء بين شخص وآخر أو بين جماعة وأخرى وحتى بين دولة ودولة وثقافة وأخرى سمة إنسانية راقية دعت إلى التحلي بها والارتكان إليها
جميل مفرöح –
في نهاية كل خلاف واختلاف أو مشكلة أو أزمة أو سوء تفاهم يشخص التفاهم والحوار كحلö أولي مطلق ومتعارف عليه فالحوار المباشر سواء بين شخص وآخر أو بين جماعة وأخرى وحتى بين دولة ودولة وثقافة وأخرى سمة إنسانية راقية دعت إلى التحلي بها والارتكان إليها مختلف الشرائع والأديان والثقافات.. بل ونشأت في ذلك المقولات والأمثلة والعبر وربما أيضا النظريات والقواعد العلمية والثقافية على مستوى البسيطة المتأنسنة.. وهنا تتأكد بقوة أهمية هذه القيمة النبيلة وتتصاعد الحاجة إليها من يوم لآخر بل ومن لحظة لأخرى..
* هناك في العالم البعيد والحاضر القريب تتصاعد الأصوات المنادية بحوار الأديان وحوار الثقافات وحوار الفكر وتزايدت وما تزال تتزايد الدعوات إلى حوار يشمل الإنسانية برمتها.. وهنا في العالم القريب (العربي خصوصا) ينأى الحوار عن خياراتنا فلا نجد الحاجة إليه تشخص إلا كحاجة الكي (آخر الدواء) أو كآخر السبل والطرق حين تنسد في وجوهنا كامل الخيارات والاحتمالات الأخرى.. حينها فقط نشعر بأهمية الالتفات إلى هذا الخيار الذي تعودنا في أحوالنا وظروفنا على تقبله لنا وعرض خدماته فيما اعتاد منا التهميش والاستبعاد..
* لم نترب على الحوار وبالتالي لم نحاول أن نربي أنفسنا وأبناءنا على هذه القيمة وهذا السلوك المثالي ليستفيدوا منه ويستضيئوا به لمستقبلهم.. هكذا سارت بنا الحياة وظروفها مع أن الجنوح إليه أسهل وأقرب ما يمكن من المتناول.. ولكننا لا نكاد نراه لأننا لا نريد ذلك ولا نفكöر في استجلابه والاستعانة به إلا متى ما وجدنا أنفسنا قد أفرغنا الوسائل والاحتمالات حتى لم يتبق سواه.. عندها فقط نجد أنفسنا ملزمين بالتعامل معه.. وحين نصل عبره إلى ما لم نستطع الوصول إليه عبر سواه حينها فقط ندرك أن الحوار خيار أصلح ويجب أن تكون له أولوية الاختيار والانتهاج..
* اليوم نحن اليمانيين نحاول أن نجدöد للعالم وللتاريخ من حولنا كما اعتادا منا أننا استثناء وأن ثقافة الحوار جزء لا يكاد يتجزأ من ثقافتنا وأن التفاهم والتقارب بين الأخ وأخيه الذي نعتمده اليوم نهجا كان وما يزال في قائمة الأولويات والأساسيات لحياتنا المعاصرة.. قد يقول قائل إننا تأخرنا في انتهاجه.. ربما ولكن ليس بالقدر الذي أدى أو سيؤدي إلى الخسران الكبير.. ها نحن اليوم نعود ربما إلى رشدنا لنقارع الخطأ ونتبرأ منه بانتهاج الحوار دربا لم يصبح بعد الأخير لنخرج بوطننا وبأنفسنا وبصلة قرابتنا إلى الطريق الراشد القويم قبل أن تنهار أركان هذا الوطن وتتداعى عرى القرابة فيما بيننا..
* إن انتهاج الحوار حل لقضايانا وخلافاتنا أيا كانت تلك القضايا والخلافات دليل جديد ينضاف إلى رصيدنا في إثبات أننا أولو حضارة وعزم وأننا أيضا سباقون إلى القيم الحضارية والإنسانية النبيلة وأن التاريخ يظل لا يستطيع نكران أمجادنا واختلافنا وتميزنا عن سوانا.. مهما حاول الكثيرون وحاولت المتغيرات إيغال صدره علينا وتحريضه على ذلك.

قد يعجبك ايضا