تهديد التعايش الثقـافي بين الشعوب

د.محمد علي بركات


 - في ظل النظام العالمي الجديد الذي تعمل من خلاله تلك القوى على تجريد الأمم والشعوب من مقوماتها وخصوصياتها الثقافية والحضارية .. وطمس هوياتها الوطنية وما تتميز به من مبادئ
د.محمد علي بركات –

في ظل النظام العالمي الجديد الذي تعمل من خلاله تلك القوى على تجريد الأمم والشعوب من مقوماتها وخصوصياتها الثقافية والحضارية .. وطمس هوياتها الوطنية وما تتميز به من مبادئ إنسانية وقيم أخلاقية ..
هذا الأسلوب الذي يعتمد على فرض نظام آحادي وفرض هوية على شعوب العالم في ظل العولمة بتحدياتها السياسية والاقتصادية والثقافية والاتصالية .. يتعارض بالتأكيد مع طبيعة العلاقات بين الدول كما يتعارض مع التعدد والتنوع البديهي للثقافات .. وذلك يشكل تهديدا للتعايش الثقافي بين الشعوب بل وللاستقرار في العالم وتلك هي كارثة العولمة وضغوطها وتوجهاتها وما تنطوي عليه من روح الهيمنة على مختلف المستويات ..
وفي ظل هذه الأوضاع التي يتعاظم فيها الخطر بتهديد شعوب العالم في خصوصياتها الثقافية والحضارية وكذلك في سلامة الفكر والعقيدة والهوية الوطنية .. ونظرا لتلك الضغوط ولضرورة مواكبة المتغيرات الدولية في الجوانب الاقتصادية والعلمية والتكنولوجية.. لابد أن تكون الأمة العربية قادرة على التصدي لتلك التحديات .. وذلك يتطلب وضع استراتيجيات طموحة وخطط واضحة الأهداف إلى جانب الوسائل التي يمكن من خلالها تحقيق تلك الأهداف والطموحات..
ويأتي في مقدمتها تعزيز هوية ووحدة الثقافة العربية ودعم العمل العربي المشترك ومختلف عوامل الوحدة الثقافية العربية .. إلى جانب الانفتاح على الثقافات والحضارات الأخرى في إطار الاحترام المتبادل للمقومات الحضارية والثقافية .. وفي إطار التعايش السلمي والحوار البناء بتكافؤ وندية .. إضافة إلى حماية التراث الثقافي والحضاري في الوطن العربي الذي يجسد شخصية الأمة وإحيائه وصيانة معالمه التاريخية ..
وكذلك ضرورة الاستفادة من الوسائل الحديثة للاتصالات .. لغرض التعريف بالثقافة العربية خارج الوطن العربي وتعزيز الحوار بينها وبين مختلف الثقافات .. فمبدأ الحوار بين بني الإنسان يعتبر جزءا من تراثهم ومعطى تاريخيا تبنى من خلاله العلاقات الإنسانية ..
وهناك عوامل عديدة يجب التركيز عليها من أهمها تعزيز الدور المهم للوسـائل الإعلامية والثقافية في دعم وتشـجيع الإبداع ورعاية المبدعين باعتبارهم ثروة قوميـة .. لأنهم عبر العصور يحفظون للأمة ثقافتها وقدراتها الإبداعـية .. وكذا الاهتمام بإبـداع الأطفال وتشـجيعه في مختلف المراحل التعليمية ..
ومن الأهمية بمكان الإقرار بتعدد الثقافات وتنوعها وحق الاختلاف الحضاري وبقدرة الأمة العربية العريقة على الحوار الحضـاري المتكافئ لما تمتلكه من ثقافة وآداب وفكر متطور .. وما تعكسه من تفاعل إيجابي مع الحضارة الإنسانية بشكل مستمر .. ذلك هو واقع الأمر أيا كانت تحديات العولمة سواء الثقافية أو الاتصالية أو الثقافية أو السياسية .. وتلك هي القضية .

قد يعجبك ايضا