الخروج من الدوامة

عبد الكريم المدي

 - غالبا ما كنا نطالب بالعمل الجماعي  العلمي الجاد لحل مشكلات التخلف العلمي 
والمعرفي والتخفيف من نسبة الأمية والطوابير الطويلة للفقراء الذين انتقلوا مؤخرا 
إلى أطول طوابير في العالم لملايين الجوعى والمعدمين  المدرجين في أول سطر 
للقائمة
عبد الكريم المدي –
غالبا ما كنا نطالب بالعمل الجماعي العلمي الجاد لحل مشكلات التخلف العلمي
والمعرفي والتخفيف من نسبة الأمية والطوابير الطويلة للفقراء الذين انتقلوا مؤخرا
إلى أطول طوابير في العالم لملايين الجوعى والمعدمين المدرجين في أول سطر
للقائمة التي تحتوي على أكثر سكان الأرض من البشر معاناة من سوء التغذية الحاد
..
وكنا غالبا أيضا نحذر من أنه إذا لم يقم كل سياسي ومثقف ومفكر ورجل دين بدوره
والنهوض بمهامه ومسؤولياته فإن اليمن ستعاني وبشدة من طغيان أفيون الفوضى
وشيوع الجوع وما يشبه الاستبداد والإقصاء المكنون أو المنوي لدى هذا الطرف أو
ذاك .. الأمر الذي قد يهدد بانهيار القيم وتصبح – لا سمح الله – كل نوازع الإنسان
الشريرة واقعا معاشا لأنه – وكما هو معلوم – مثلما أن للتطور والوعي قوانين نمو
فكذلك للفوضى والتجهيل بيئات خصبة وقوانين نمو ..
لا أريد أن أقول إن قادم أيام اليمنيين ستكون أسوأ من ماضيهم أو حاضرهم لأني
بطبيعتي متفائل مهما كانت قتامة الأوضاع أو شدة انحدار سلالم الألم لكن إذا
استمرت بعض الأطراف الفاعلة في الساحة اليمنية تبيع للناس بعروض سعر
تشجيعية وإغراءات وتهويل لا حدود لهما حماقاتها ومحاولات دمغ كل شيء
بدمغتها وبالطبع لا أتهم طرفا معينا أو أتحيز لآخر .. فإن بارقة أمل الخلاص ستظل
بعيدة عن سمائنا كما أن إرادة جبر النفوس وترميمها وكذا إرادة إنشاء آليات المناخ
الملائمة لبث روح التسامح والتنوير والشراكة في أوساط المجتمع ربما ستظل هي
الأخرى عن سمائنا بعيدة ..
وأتساءل : متى سيعي الناس بمختلف شرائحهم ونخبهم المختلفة خطورة الاعتماد
على الوهم والحماقات و اليقين الذاتي فقط كمقياس لصحة الرؤى والمفاهيم التي
تحملها أو تؤمن بها القوى المختلفة في المجتمع ¿ .. ومتى سيدرك الناس أيضا –
وكشرط أساسي – لعودة المحبة وخروج المجتمع من ضباب هذه الأزمة التي غيبت
الكثير من القيم والأشياء الجميلة في حياتنا .. أن عليهم التخلص من الأحقاد والعقد
النفسية والمزايدات وعلل الانتقام ويعلمون يقينا أن أي فكر يبنى على تلك العلل
والثأرات لا ينجح وهذا ما يذهب إليه «دوج هرتون» الذي يرى أن على صاحب
الفكر الانتقامي أن يحفر قبرين أحدهما لنفسه …!!
على أية حال .. ما نريده كيمنيين وفي هذه المرحلة البالغة الحساسية والخطورة
والدقة هو التخلص من الثأرات والأحقاد والمزايدات والمكابرة بحيث يظل الإنسان
العالي المصان دمه وحقه وكرامته وعرضه ورأيه هو هدفنا جميعا .. وما نريده
أيضا : هو أن نحتكم للمنطق والمصالح العامة والالتزام بالشخصية الوطنية
والإنسانية وندع التمنطق بالعنف والسلاح وممارسة الغواية والتجريح في بعضنا
والكذب على ذواتنا والمجاهرة بالمشانق وادعاء كل طرف الفضيلة والكمال
والتخلص أيضا من وهم احتكار الحقيقية وفكرة أن الآخر الشر والشيطان من خلال
سلوكيات وعنتريات تكسر قيم التسامح وتقلب الحقائق أيضا والمنطق وكأننا مثل
ذلك الذي يقدم العربة على الحصان ..
كما أرى أنه من الواجب علينا أن لا ننسى أننا ومنذ فبراير 2011م قد مارسنا – كل
الأطراف دون استثناء – الألاعيب المختلفة واستخدمنا كل الوسائل والمفردات
والطرق والطاقات والقدرات لأجل تنزيه الذات وتلويث الآخر من أجل الفوز
بالمعركة لذا وما علينا إلا – وبشجاعة أدبية – أن نعترف سواء كنا كتابا أو
سياسيين أو غيرهم – على الأقل كل طرف مع نفسه – بأننا كذبنا وزايدنا على
بعضنا وجاهرنا بالبغضاء ولجأنا لأكثر الصيغ فجاجة وعنترية ووحشية وتزييفا
معتقدين – كما أسلفت – أن النصر حليفنا في هذا الطرف أو ذاك وبما أنه لم يتحقق
لأحد من الأطراف .. لذا فمن الأصوب على الجميع العودة إلى ربيع الحكمة
والتسامح ولا شك أن للمثقفين وللسياسيين المثقفين والعلماء في هذا الصدد دور
كبير في إحياء قيم التسامح والتواصل بين أطياف ومكونات المجتمع كافة لأنه
حينما خفت دور هؤلاء ارتفع بالمقابل صوت الفوضى ومارس الجميع دورا مغايرا
لثقافة وقيم اليمنيين وقد تجلى ذلك من خلال القدح في الآخر ومعها أيضا أقسى
أنواع التحريض وال

قد يعجبك ايضا