تأبين الوفاء والعصار

علي الشرجي


علي الشرجي –

علي الشرجي
في حفل تأبين الأستاذ الراحل محمد بن عبدالإله العصار يوم أمس فهمت الكثير عن حال الدنيا لم أكن أدرك أن الفعاليات التأبينية للأعزاء والنجوم من الراحلين عن دنيانا وسيلة سهلة يستخدمها الشطار ممن هم على قيد الحياة الفانية لتلميع وجوههم واستعراض مواهبهم في الإنشاء والإلقاء.
قبل أن ينتبه الجميع إلى حالته الصحية حرص الأستاذ محمد عبدالإله العصار على أن يودعنا نحن الذين شاء القدر أن نقترب منه ويقترب منا وذلك بطريقته العفوية المعتادة كأن يردد جملته الشهيرة: أنتم الشباب القوة السيطرة .. أما عمكم محمد خلاص مسافر.. لازم أسافر.. فكان الموت أسرع من أن يستكمل إجراءات السفر المطلوبة لمثل هكذا رحيل بلا معين.
رحل وقامته شامخة وعقله من حديد مختالا بحبه لليمن وللقلم إلى حد التمرد على العادات ومعطيات الواقع حيث قد يخسر الإنسان العادي بسبب ثقافة «التمرد» العديد من المميزات وتحاصره الشكوك والاتهامات .. لكن العصار نموذج فوق العادة إذ كسب الناس من حوله وخسر نفسه.
كان رحمه الله مثل ثمرة التين الشوكي كل من يقترب منه لا بد أن يتألم قبل أن يحظى بإنسانيته وسماحته وعفويته كان أشبه بالبركان لا بد أن يحترق من يلامسه قبل أن يتفجر وفاء وإبداعا.
من يعرف حقيقة الأستاذ العصار سيجد فيه رجل اليسار والثورة وحلم التغيير الذي يخالج كوامن جيل كامل استبد به الإحباط والاكتئاب بسبب النخبة أولا!! وهو الصحفي الكبير والأديب اللبيب الماهر في صناعة الكلمة وإثارة الجدل وبناء الذات في كل موقع أوجد نفسه فيه في الوطن والمهجر من عدن إلى السودان إلى الرياض إلى صنعاء.. سيرة عمل وكفاح وإبداع وتحد لكوابح الزمن.
لكنه في النهاية طفل الحنان مفتاحه والحب احتياجه والوفاء أغلى أحلامه والاحساس بالأمان القرار الذي لا يمتلكه أحد هو من ظل ينتظر حتى آخر رمق رحمك الله.. أدنتنا جميعا بظروف أيامك الاخيرة من سرير المرض إلى ثرى مسقط الرأس فالمعذرة من «علياء» فلذة كبدك وأي «علياء» كنت تعشقها حتى الثمالة هي لمن لا يعرف الكائن الوحيد والصفقة الاغلى التي أكدت استعدادك للتضحية دونها!! من يحقق حلم العصار حيا وميتا في تبني علاج «علياء» سيكون أوفى الأوفياء للزمالة والصداقة والإبداع.

قد يعجبك ايضا