عن مصير الكتاب وقلق القراءة

هشام علي بن علي


هشام علي بن علي –
> لماذا بورخيس¿
– لا أعلم كيف خطر في ذهني اسم الكاتب الأرجنتيني خورخي لويس بورخيس وأنا أفكر في وضع خطوط أولى للكتابة عن الكتاب¿
بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للكتاب الذي يصادف 23 أبريل من كل عام وهو الاحتفال الذي أعلنته منظمة اليونسكو في تنبيه البشرية إلى خطر غياب الكتاب وتحفيز الأذهان إلى أهمية القراءة وضرورتها.
ثمة قضايا عديدة يمكن أن نطرحها في هذه المناسبة فالتحديات الكثيرة التي يواجهها الكتاب تفتح أبوابا متعددة للتفكير والتأمل.
هل نتكلم عن الكتاب وتحديات متجمعات ما قبل الحداثة التي تواجهه أي تحديات الأمية التي نزال نعاني منها في بلادنا حيث تصل نسبة الأمية إلى 60% وهي تمثل خطرا محدقا ليس على مستقبل الكتاب وحسب بل على مستقبل المجتمع ومستوى المعرفة وعلى السياسة كذلك فالمجتمع الذي لا يقرأ لا يستطيع أن يمارس السياسة بشكل واع إن القراءة شكل من أشكال الحرية وأن تقرأ أن تمتلك القدرة على اقتحام الأبواب المغلقة وأن تفتح رموز العالم الملفزة.
إن الجهل بالقراءة هو حارس الأنظمة الاستبدادية كما يقول فولتير.
إن الدعوة للقراءة هي الدعوة لامتلاك وعي سياسي متحرر من جميع أشكال الوصاية والاستبداد ويقدم الكتاب وسيلة مثلى لتعليم طويل المدى ومعرفة بالحرية والمواطنة والفكر النقدي وهذه كلها تعتبر أركانا أساسية للديمقراطية.
ولا تمثل الأمية وحدها تحديا للكتاب هناك أيضا العزوف عن القراءة فالناس ينصرفون عن القراءة يتجهون إلى التلفزيون والسينما وغيرهما من الوسائل السمعية والبصرية هذا الشكل من »أمية المتعلمين« يكشف غياب المجتمع القارئ عدم اكتساب القراءة كممارسة فكرية ونقدية والاكتفاء بالقراءة بمعناها العام أي المعنى الحرفي للكلمات دون أية إضافات.
يواجه الكتاب كذلك تحديات ما بعد الحداثة إن العولمة التي تجتاح العالم منذ أكثر من عقدين حملت إلى بلادنا تحديات مختلفة من الفضاءات المفتوحة إلى تقنيات الاتصال والشبكة العنكبوتية والكتاب الالكتروني وقد أصبح »محرك جوجل« ينذر بالخطر والدمار لمجرة غيوتنبرج وما تحتويه من كتب ومكتبات ومطابع وغير ذلك من منتجات الطباعة على نحو ما ذكر عالم الاجتماع الكندي »ماكلوهان« في كتابة »مجرة غوتنبرج« حيث أنذر بقرب انتهاء عصر الطباعة ونهاية الكتاب في عصر القرية الالكترونية أو القرية الكونية حسب تعبيره.
وقد بلغ تحدي »نهاية الكتاب« أقصى درجاته في مؤتمر عالمي للكتاب عقد في مدينة بيونس آيرس عاصمة الأرجنتين وهي المدينة التي ولد فيها صاحبنا بورخيس الذي اخترناه رمزا لحياة الكتاب واستمراره في هذا المؤتمر الذي ترافق مع معرض الكتاب في الأرجنتين عام 2000م وقف نائب مدير مايكروسوفت ليعلن نهاية قريبة للكتاب الورقي.
فبعد عقدين من السنين سيصبح الكتاب من أمر الماضي وأضاف أنه بداية من 1019م سنجد في المعجم التعريف التالي لكلمة كتاب: »مكتوب ذو حجم مهم يمكن الحصول عليه عبر الكمبيوتر أو أي جهاز الكتروني شخصي«.
لم ينقرض الكتاب على النحو السوداوي الذي ذكره صاحب ميكروسوفت لم تفرغ كتبه الكونجرس الأمريكية محتوياتها المليونية من الكتب الورقية لتستبدلها بالمكتبة الإلكترونية المختزلة للمكان والزمان كحضور في 2012م لا نرى نهاية قريبة للكتاب على العكس نلاحظ أن الكتاب لا يزال حاضرا إلى جانب الوسائط المختلفة والأقراص المدمجة وألواح I-PAD الضوئية ربما أن عدد النسخ المطبوعة من الكتاب قد قلت لكنها لم تنته بصورة كاملة عله نحو ما أنذر مدير شركة مايكروسوفت.
بورخيس والكتاب
خروخي لويس بورخيس (1899 – 1986م) كاتب أرجنتيني ولد في مدينة بيونس آيرس وانتقل إلى أوروبا حيث عاش فترات من شبابه في مدينة جنيف وقد توفي في جنيف التي عاد إليها بعد غياب طويل.
ارتبط بورخيس بالقراءة منذ الطفولة وهو يذكر أن مكتبة والده كانت أهم شيء في حياته في ذلك الحين أعتقد أنني لم أخرج أبدا من هذه المكتبة وكأنني ما زلت أراها إلى الآن كانت تحتل غرفة كاملة بأرفف مغطاة بالزجاج ولا بد أنها احتوت على عدة آلاف من الكتب.
كانت المكتبة الوسط الطبيعي لبورخيس بعد مكتبة أبيه انتقل إلى المكتبة العامة الصغيرة في الحي وفي هذه المكتبة وجد أول عمل رسمي بعد ذلك يقول بورخيس: أمضيت حياتي جاثما قرب رفوف الكتب باحثا ومنقبا بين الكتب وربما لهذه العلاقة الوثيقة بالكتب والمكتبة فإن الديكتاتور بيرون حين صعد إلى الحكم في الأرجنتين وكان بورخيس عدوا لهذا الجنرال ويعتبره نازيا لم يجد عقوبة لبورخيس أقسى من إبعاده من المكتبة وتحويله إلى وظيفة أخرى مفتش الدجاج والأرانب في سوق الخضار لم تكن عقوبة بطبيعة الحال بل إهانة. وقد رد بورخيس عليها قائلا: »إن الدكتاتوريا تنجب الاضطها

قد يعجبك ايضا