ديمقراطية مصر

عبدالفتاح علي البنوس


 - شكلت الانتخابات الرئاسية المصرية علامة فارقة في تاريخ مصر السياسي على اعتبار أنها المرة الأولى التي يخضع فيها منصب الرئيس لعملية تنافسية حقيقية
عبدالفتاح علي البنوس –

شكلت الانتخابات الرئاسية المصرية علامة فارقة في تاريخ مصر السياسي على اعتبار أنها المرة الأولى التي يخضع فيها منصب الرئيس لعملية تنافسية حقيقية أفضت إلى تأجيل الحسم للجولة الثانية ومع الإعلان الرسمي لنتائج الانتخابات باتت جولة الإعادة محصورة بين المرشحين محمد مرسي مرشح حزب الحرية والعدالة الإسلامي وبين أحمد شفيق المحسوب على نظام الرئيس المصري السابق محمد حسني مبارك حيث يسعى كل مرشح إلى استقطاب أكبر عدد ممكن من الناخبين في جولة الإعادة وبدأ كل مرشح بدغدغة عواطف المرشحين الذين لم يعبروا إلى المرحلة الثانية وعلى وجه الخصوص حمدين صباحي وعبدالمنعم أبوالفتوح وعمرو موسى من خلال التفاوض معهم على حث الأنصار على التصويت لهما مقابل الحصول على مراكز ومناصب عليا في الدولة منها نواب لرئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ولعل اللافت للنظر في هذه المسألة هي تصريحات مرشح الإخوان المسلمين محمد مرسي والتي تعهد فيها بتشكيل حكومة يرأسها الإخوان في حال فوزه وعرض على أبي الفتوح وصباحي منصب نائبي الرئيس وهذا لا يهمنا ولكن الشيء المهم هو تأكيده على أنه في حال فوز من شارك في كل هذا الإجرام في إشارة إلى الأحداث التي وقعت أثناء ثورة 25 يناير وكلامه هنا موجه ضد أحمد شفيق فستكون هناك ثورة ثانية وكأن مرسي يتبع المثل اليمني «قلايتي والا الديك» ولا أعلم بأي منطق يتحدث وهو الذي يريد التربع على عرش السلطة في بلد تعددي الأحزاب والطوائف والمذاهب هل نسي مرسي أن الشعب المصري هو صاحب الخيار في تحديد من يقوده¿! وهل نسي أن الديمقراطية تقتضي الفوز والخسارة ولا يمكن التعدي على خيار الشعب الذي أفرزته صناديق الاقتراع.
إن التلويح بإشعال ثورة ثانية يؤكد على أن الإخوان هم من أشعلوا الثورة الأولى من أجل الوصول إلى السلطة وقد ظنوا أن الوصول إليها سهل المنال عقب فوزهم في انتخابات مجلس الشعب ولكن نتائج الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية خيبت ظنونهم ولذا لجأوا إلى التهديد بالخروج إلى الشارع من جديد وهم بذلك يدفعون بالكثير من المستقلين من الناخبين المناهضين لشفيق إلى التصويت له نكاية بهم وبأسلوبهم الاستفزازي غير المنطقي فالمصريون لن يقبلوا على أنفسهم شعار «إما أن أحكمك أو أحرمك من متعة الحياة وأنغص عليك حياتك» الذي يرفعه مرسي والإخوان المسلمون في مصر إن التلويح بالفوضى في حال الخسارة يرعب الشارع المصري من السياسة التي قد ينهجها الإخوان حال فوزهم وهذا لن يخدم مرسي في جولة الإعادة كون هذه التصريحات أظهرته في صورة غير حضارية وديمقراطية فهو دخل الانتخابات لا للمنافسة ولكن من أجل أن يكون هو الرئيس ولن يقبل بغير ذلك حتى وإن كانت نتائج صناديق الاقتراع في جولة الإعادة تصب لمصلحة أحمد شفيق وهو ما ينبغي عليه سحب هذه التصريحات وإعلانه القبول بما ستسفر عنه الانتخابات واحترام إرادة غالبية الشعب المصري الذين يرغبون في تجاوز مآسي ومنغصات المرحلة الماضية وطي تلكم الصفحة السوداء في تاريخ بلدهم العريق وفتح صفحة جديدة تتضافر معها الجهود لمواصلة مسيرة العطاء والبناء والإنتاج لأم الدنيا «مصر» الغالية على قلب كل عربي من المحيط إلى الخليج.

قد يعجبك ايضا