كثيف رغم الغياب
–
عبدالمجيد التركي
إلى رمزي الخالدي في ذكراه الأولى
ها أنت تنظر إلينا بشفقة المنتصر في ماراثون السباق.. لأننا ما زلنا بعيدين ولم نستطع مجاراتك واللحاق بك ..
تقول لنا تعالوا معي… حيث الضوء والأنقياء.. لكننا ملوثون جدا يا رمزي .. لذلك نخشى مواجهة الضوء والحقيقة كما فعلت أنت .
ما زلت محتفظا برقم هاتفك ولم أجرؤ على حذفه من ذاكرة الهاتف اللعينة كأنني أنتظر اتصالا منك أو دعوة لحضور ماراثون جديد تسبقنا فيه كعادتك وتتركنا خلفك..
كم كنت كثيرا يا رمزي ونحن في مدينة المكلا.. كنت تجبرنا بهدوئك ورزانتك أن نكون مهذبين أكثر ونحن في حضرتك.. كان صوتك الهادئ يجعل أمواج البحر تهدئ من مدöها وجزرها لكي تنصت إليك.. كان شرودك الإنساني يقتلني كثيرا ..لأنني كنت أظن أنني وحدي فقط أتألم نيابة عن الناس الذين أعرفهم..لكنك تتألم نيابة عن البشرية كلها.
كتبت الصديقة إلهام ملهبي في صفحتها على الفيس بوك وقالت إنها حذفت أصدقاء كثيرين من صفحتها ما عدا ثلاثة أصدقاء لم تقدر على حذفهم .. أنت أولهم بالتأكيد.. ترى ما سر هذا الحضور يا رمزي رغم أنها لا تعرفك ولم تلتق بك !!!
إلهام ملهبي يا صديقي دخلت الفيس بوك قبل عام وكانت في حالة ذعر لتكتب على صفحتي ثلاث كلمات خائفة: رمزي مات يا مجيد..
ألم أقل لك ذات يوم إنك تتمتع بروح ساحرة !!
أربعة أيام هي الرحلة إلى المكلا..لا شيء غيرها .. تحدثنا فيها بما يكفي لأربعة أعوام.. ثم التقينا في تعز حين ذهبنا لزيارة الفنان أيوب طارش.. التقينا في منزل محمد نعمان الحكيمي.. التقينا في مؤسسة السعيد.. التقينا في الحوبان وتحدثنا عن الطاهش فقلت لك لا يعدو أن يكون عبدالغني الهياجم وضحكنا طويلا..
أتذكر حين كتبت لي أنك فقدت حاسة السمع نهائيا.. وأنك تتألم لأنك فقط تريد أن تسمع أغاني أيوب الوطنية في ساحات التغيير كم هي الصدمة التي ألجمتني وأنت تقول لي هذا حاولت مواساتك بأنك ستعود كما كنت وسنستمع لأيوب معا وسيتعافى العصب السمعي لكنك كنت أقوى من مواساتي حين قلت لي بكل برود: يا مجيد الحياة لا تستحق أن نعيشها بكلö حواسنا.
ها أنت تقول لنا إنك لم تعد بحاجة إلى الوقوف أمام الصيدليات للبحث عن حبوب الهيدراء لأنك أصبحت بصحة جيدة.
كل عام وأنت بخير يا رمزي.