الصندوق الأسود “للقطاع”..!!

عبدالله الصعفاني


عبدالله الصعفاني –
عبدالله الصعفاني
إقترح زميلنا مروان الخالد العائد من الولايات المتحدة في زيارة قصيرة أن نتغدى في شبام حيث فندق حميدة المزار السياحي المشرف.
* في الطريق إلى شبام واجهنا قطاعين قبليين وما تيسر من النقاط الأمنية.
في القطاع القبلي الأول يدخل أحد المسلحين رأسه من نافذة السيارة حيث السائق ويتولى الآخر النافذة المقابلة.. البطاقة ..¿¿ البطايق يا جماعة..¿¿
* يبرز أخونا علي العزاني بطاقة عمله في وزارة التربية والتعليم فيقول له أحد المتقطعين وما علاقتنا بالتربية والتعليم من أين أنت.. اقطب..
ويخرج مروان البطاقة الصحفية .. فيقول له متقطع .. يا جناه هربنا من التربية دخلونا الصحافة من أين أنت..¿¿
* ولا أعرف إذا كان من حسن حظي أو من السوء أنني لم أحمل بطاقة أصلا ربما لإثبات أنني يمني قح لم يعترف بعد بأن الواحد ليس إلا هويته الشخصية حتى لو صادرت حريته في الطريق العام.
* ولقد تكرر التقطع مرة أخرى لنقع في ذات مصيدة الأسئلة التي لا تطلب منك إثبات اسمك ووظيفتك وإنما منطقتك حيث مسقط رأسك وليس منطقة عيشك.. ذات الأسئلة ونفس الاستفزاز تعرضنا له أثناء العودة من شبام المحويت مع فارق أن قطاع العودة كان تحول إلى ما يشبه معرض للسيارات التي تم حجزها لمجرد أن أصحابها من منطقة مطلوب أي من مواطنيها حتى لو انقطعت صلته بها لسبب أو لآخر.
* المثير للأعصاب أن التقطع في الحالتين التقطيعتين كان على بعد أمتار من نقطتين أمنيتين رسميتين حتى أن أحد الجنود أخذ يشرح لنا خلفية القطاع الأول وخلفية القطاع الثاني وكأنه ليس للنقطة أو جهات الضبط الأمني أي دور .. حقا عندما يغيب القانون ويختفي العقل يظهر الهوى وتصبح السيادة للمزاج.
* ولقد وجدتني أتذكر عادل إمام وهو يكرر إحنا بتوع الأوتوبيس مع تكراري لأصحاب القطاع.. إحنا اللي تركنا كل مطاعم صنعاء وخرجنا نتغدى في شبام.. فيما أخذ مروان يقول وسط امتعاض من أن يتعرض الواحد منا لكل تلك الفواصل المتلفة للأعصاب لمجرد أنه قرر التوجه من صنعاء إلى منطقة قريبة .. إحنا من أمانة العاصمة باعتبار هذا الرد هو الرد المحمود عواقبه بالنظر أن مواليد أمانة العاصمة ربما يكونون بمنأى عن الحجز في حالة القطاع بين المناطق.. مشهد من مشاهد أغلبية تختطفها الأقلية المستبدة.
* والحكاية تذكرني باضطرار عدد من أبناء قريتي للنزول ثلاث مرات للالتفاف على قطاعات قبلية في المسافة بين مدينة باجل ومنطقة القدم حيث أخذوا يقطعون بعض المسافات على أقدامهم حتى لا يتعطلون بسبب كل ميلادهم.. استعلاء قبلي يتم الرد عليه باستعلاء أكبر والقوي من يختطف سيارات وشاحنات أكثر.
* ومن يتحرك من منطقة إلى أخرى لا بد أنه عاش حكايات مماثلة بعضها مأساوي خاصة عندما تصاحب القطاع حالات مرضية إسعافية غير قابلة للتأخير تحت إجبار سلطات فوضى القطاع الذي كان استثناء في بعض المناطق فصار ظاهرة عامة تتجاوز إعاقة المسافر إلى نهب سيارته وحبس حريته بل يصل الأمر في بعض الطرق لتحويل قطاع النهار إلى نهب الليل وجرائمه.
* وحتى لو قال قائل وما الجديد بعد أن تسابق الكل لرفض كثير من ركائز منظومة القيم فإن ظاهرة القطاع على النحو الذي تشهده الطرق الاسفليته الطويلة تثير غابة من علامات الاستفهام مطلوب من الحكومة والبرلمان والأحزاب ومن سميناهم بالوجاهات.. لماذا كل هذه الفرجة على تدوير الأخطاء وإعادة إنتاجها..¿
هل صار الحديث عن إنجازات البلاد من الطرق يحمل أي معنى إيجابي..¿ كيف لهؤلاء وأولئك أن يتسابقوا على إعلان إنتمائهم للحريات الخاصة والعامة فيما لا يستطيع أحدنا أن يغادر مدينة إضطرارا أو ترفا أو حتى “تشعيبه”.
هل في اليمن صندوق أسود للمتقطعين وأين هو ومن بيده مفاتيحه..¿
* أسئلة كثيرة تبدأ وتمر ولا تنتهي عند القول.. لقد تسابقنا في هذه البلاد لزراعة الكثير من الرياح ولم يبق لمواجهة حصاد العاصفة إلا الدعوة إلى التعاون في استعادة سلطة القانون وسلطة الأخلاق.. مخاطبين ما تبقى من الدين والأخوة والنخوة!!

قد يعجبك ايضا