هيبة الدولة



الخروج الممكن
عبدالخالق النقيب
> أن تحزم الدولة أمرها مربط صار من المسلمات البديهية في‮ ‬بيئة تتصحر فيها البدائل ومجتمع‮ ‬يشكو الانفلات ويفتقر للثقافة والنضج المؤهل لتحكيم القانون والاحتكام لسيادة الدولة والخضوع لقراراتها بصحيفة طوعية وانسياق ديناميكي‮.‬
تضخم الفراغ‮ ‬فراغ‮ ‬الدولة وانكماش هيبتها‮ ‬وضع لا‮ ‬يجدي‮ ‬معه بأي‮ ‬حال من الأحوال منطق المداراة والترضية والتفاوض ويستحيل سد ذلك الفراغ‮ ‬بمزود من التغاضي‮ ‬والتهاون‮ ‬غير المبرر سيما والبلاد تعيش مرحلة انتقالية مثخنة بالتمرد والتناقض ومشحونة بالتهديدات التي‮ ‬تتفجر على أكثر من صعيد‮..‬
مناخ التراخي‮ ‬والارتخاء الممطوط‮ ‬ينذر باتساع رقعة البيئة الخصبة لتنامي‮ ‬النزق الجاهل والابتزاز الوضعي‮ ‬وينبئ بانتعاش أسواق جديدة للدولة شبيهة بسوق الخبطات الكهربائية والاعتداء على محطات الطاقة البعبع الغول الذي‮ ‬يحظى بطفرة‮ ‬غير مسبوقة ويعيش رواده ومتاجروه عصرهم الذهبي‮ ‬فصار لهم من الجبروت ما لم تقو عليه دولة ومن الهيمنة ما‮ ‬يختالون بها حتى على أنفسهم ومن التأثير ما‮ ‬يرضخون به قرارات الدولة بالواجهة التي‮ ‬تلبي‮ ‬مطامعهم وتحت ضغط‮ ‬يرتهن الحياة اليومية والمعيشية الموجوعة‮.‬
لا‮ ‬غرابة في‮ ‬الاستقواء والتعنتر خلف المراجع الحزبية والجهوية القبلية والشخصيات العسكرية ولا مفاجأة أيضا إن ظهرت قوى انتهازية متعجرفة جديدة ذات طابع مفتوح الاحتمالات لتحدت مزيد من الشقاق والشتات وتوسع فجوة المخاطر التي‮ ‬تتهدد الاستقرار وتتربص بوحدة النسيج الاجتماعي‮.‬
تمادي‮ ‬الوضع وتفشي‮ ‬التسيب وانعدام الردع لكل أشكال التجاوزات ومتخطي‮ ‬الخطوط الحمراء‮ ‬يفوت اصطفاف الدولة أمام المد القاعدي‮ ‬وفتوحاته الآخذة في‮ ‬الاتساع البلوري‮ ‬والتبشير بإمارات إسلامية إضافية كوجه آخر من أوجه الفراغ‮ ‬المضعف لهيمنة الدولة وتصديها لدينامية القاعدة وعبواته الناسفة التي‮ ‬هزت البريقة والشيخ عثمان وأحدثت ما أحدثت في‮ ‬المنصورة والتواهي‮ ‬وخور مكسر‮.‬
التشخيص الأكثر دقة للوضع الذي‮ ‬نعيشه بات بحاجة إلى ما‮ ‬يشبه الصعقات الكهربائية المنقذة للحياة من الهلاك التام والتي‮ ‬صار من الضرورة بمكان اللجوء لها لتلافي‮ ‬ما تبقى من نبض‮ ‬يوحي‮ ‬بأمل البقاء فالضرب بيد من حديد والتنكيل بنماذج حية من العيار الثقيل وبصورة علنية هو الصعقة الباعثة للحياة والأمل معا والوصفة العلاجية الملائمة لاستنهاض هيبة الدولة وتوطين وجودها لتمكين المواطن من أن‮ ‬يعيش حياته بعيدا عن كوابيس اليقظة وأحداثه اليومية الدراماتيكية المزعجة‮.‬
هيبة الدولة وهيمنتها تمثل الخيار الأوحد والخروج الممكن بالبلاد من عنق الزجاجة الخانقة وحالة التشتت والفوضوية الفضفاضة ولا حديث عن بناء‮ ‬يمن جديد على استتباب الأمن والاستقرار كأرضية متينة وصلبة ما لم تحزم الدولة أمرها وتستنهض هيبتها كأمر مسلم به ولا‮ ‬يكاد أن‮ ‬يختلف عليه اثنان‮.‬

قد يعجبك ايضا