القادم.. ومتواليات السيرة الأولى!

عبدالله الصعفاني

مقالة


عبدالله الصعفاني –

مقالة

< ذات يوم رفع المعز سيفه وقال هذا حسبي ونثر الذهب وقال هذا نسبي.. ثم استمرت عادة اجترار الحكم بذهب المعز وسيفه.
< وقد جاء كتاب «الأمير» ليكشف الكثير من «الميكافيلية» في إدارة الأمور بلسان حال شعبي ملخصة «اللي تكسب به العب به» وقيل أحكم به..!!
< وبين نظريات الحكم المتجهة يمينا ويسارا ووسطا وما بينها من يمين الوسط ويساره ويسار الوسط ويمينه سقط الكثير من نظريات الحكم «اخلاقيا» ربما لأن الخلق مجبولون على الأنا وحب الذات حتى أن إبليس مارس ذاتيته الوقحة واعترض على أمر الله قائلا: أنا خير منه.
< ومنذ ذلك الزمن تساقطت النظريات وفشلت إلى حدود بعيدة في ترويض الأطماع فجاءت القوانين والدساتير التي تنظم العلاقة بين البشر حكاما ومحكومين.. غير أن الالتفاف عليها بقي حاضرا بذات تطور علم كشف الجريمة ليتطور قبله وبعده وعي المجرمين بأهمية امتلاك مفاتيح الجريمة الكاملة.
< ولقد اختلفت المسافات التي قطعتها المجتمعات الإنسانية على مضمار التقدم والنهوض الحضاري ليجد العرب أنفسهم «متراجعين» إلى حدود مخيفة حتى لم يعد أمامهم اليوم أكثر من الاتكاء على حسنة إختراع «الصفر».
< وبعد قرون من الانحطاط العلمي في رقعة العالم العربي والإسلامي لمع البرق الماليزي والتركي ليثيرا غبطة البقية من بلدان عربية يحاول بعضها استنطاق الربيع الطلق ولكن وسط معوقات ترفض أن تأتي فرادى ولسان الحال لابد من مهاتير محمد أو رجب طيب أردوغان.
< وفي معمعة النقاش والصراع بين فكرة الربيع وإرتدادته تحضر حاجتنا في اليمن لاستعادة سيرة اليمن الحضارية الأولى ليس بكل هذا اللغو السياسي وإنما بالمسارعة إلى الالتقاء حول فكرة الوطن مستلهمين ماضيا ساد ثم باد وحان وقت التمسك بمعطيات السيادة خصما على معاول الخلاف والإبادة.
< ومادمنا احتكمنا إلى المبادرة الخليجية بديلا عن المواجهات المسلحة التي أكلت ما أكلت من مفردات الحياة.. ومادمنا اخترنا الرئيس التوافقي واخترنا الحكومة التوافقية فليس أقل من مواصلة المشوار التوافقي لبناء الدولة اليمنية المدنية الحديثة التي تدير شؤونها بدستور نافذ يشرف على تكريس قيم الحرية والعدالة والمساواة وتكافؤ الفرص مستوعبين أن ذهب المعز أو سيفه لم يعودا الخيار المناسب خاصة عندما تتأكد حقيقة أن المورد الحقيقي لليمن الحديث ليس الذهب الأصفر الغائب ولا الذهب الأسود الناضب وإنما موارد يكتنزها البحر وتحضنها الأودية.. ثم أننا لم نحصد من السلاح الخفيف والمتوسط والثقيل إلا متواليات توازن الرعب وتوازن الخوف وتوازن القهر وقلة الحيلة وطبعا.. الهوان على الناس.
< وفي بلد فيه كل هذه النسبة من الأمية.. كل هذه الأنواع من القات.. وكل هذه القطع من السلاح لاغنى عن تسجيل البدايات الإيجابية الجديدة والقوية.. وقبل كل بداية لا بد من التوقف عن هذا الحفر والتهديم في جسور علاقاتنا على طريق معانقة فكرة الوطن.
< أما أولويات التوقف عن الحفر فتتمثل في قضيتين:
الأولى: إيقاف كل أشكال الفجور في الخصومة السياسية عبر وسائط إعلامية استسلمت لأهواء السياسي العابث.
والثانية: التسليم بأن اكرم وضعية للجيش والأمن هي التوحيد والتطوير وعدم إقحامه في مستنقعات السياسة والأحزاب والوجاهات.
< أما ما بعد واجب العمل على إنجاح مؤتمر الحوار الوطني والدستور الجديد فهو استدعاء الغيرة على قتل الشباب وقتل الجنود.. والاتجاه إلى حقيقة أن اليمن القادم ليس إلا مجموعة من الملفات.. ملف الأمن وملف التعليم.. وملف الصحة.. ملف السياحة وملف البحر والأسماك وملفات الماء والقات والسلاح وغيرها من الملفات التي تستحق الأولوية على ما عداها بعد أن ثبت بالأدلة أن اليمن لا يملك ذهب المعز ولا سيفه تماما كما أن انشغال الجميع بالصراع السياسي وخروقات «قح بم» لا يبني وطنا.

قد يعجبك ايضا