لم يعد باسقا .. هذا الموت

جميل مفرح


 - محزن للغاية ومأسوف عليه حد اللا حد ما يحدث في حق الفعل الثقافي في الوقت الراهن  وما يرتضيه المثقف اليمني من تهميش قاتل  بل ما يقوم به هذا المثقف
جميل مفرح –

محزن للغاية ومأسوف عليه حد اللا حد ما يحدث في حق الفعل الثقافي في الوقت الراهن وما يرتضيه المثقف اليمني من تهميش قاتل بل ما يقوم به هذا المثقف من تشبث مفزع بمساحة الهامش الضيقة التي لا توفر حتى فسحة للتنفس والبقاء!!
إن ما يجري في حق الثقافة والمثقفين من تهميش ونسيان وتناسي متعمد لا يمكن أن يكون مقبولا لو كان هناك مثقفون حقيقيون يتنفسون الحرية ويجعلون من العدل زادا وقضايا الوطن والإنسان هما شاغلا لا مصدرا للارتزاق وسلما للوصول إلى المباغي الشخصية النفعية كالمناصب والشهرة والإدعاء الفارغ الذي لا يسمن ولا يغني عن زاد للروح والفكر ولا يمكن أن يكون مأتى لما تنشده الإنسانية من القيم والأخلاق والسمات النبيلة النموذجية.
هل نقول: على الثقافة والمثقفين السلام¿! ربما ولكن علينا أن نؤجل ذلك استجابة لشيء اسمه الأمل وتماشيا مع فضيلة التفاؤل التي نتمنى أن تحجب عنا ذمائم اليأس والوهن والاستسلام للواقع الذي نظل نشكو منه دون أن يبدو أو يتأكد لنا أننا من يصنعه ويشكله ويسوغ له ولنا ولسوانا حتميته .. مع أننا الأكثر علما أنها حتمية افتراضية أسهل ما يمكن ويكون النجاة منها.
سيىء بل سيىء للغاية وأسوأ منه الرضا به والاستسلام له واقع الثقافة اليوم فهو في حاله هذا لا يكاد يؤمن بنا وبفرضية وجودنا وإمكانية أرواحنا معاودة التنفس وقلوبنا استئناف الخفقان .. وإنه في حقيقته المدمرة من يحجب عنا حتى قدرتنا على الحياة .. يكاد يمحو ذاكرتنا الجمعية وذاكراتنا الفردية عن الأمس القريب الذي كانت الثقافة فيها زادا لا غنى عنه وقيمها مناهج حياة وسلوك وفعلها شبه اللحظي نبضا لم يكن له أن يتوقف إلا ليبدأ بداية جديدة أكثر ألقا ووهجا وغذاءللأرواح المتعطشة للثقافة والإبداع قيما ونهجا ونصوصا تتدفق من ثناياها كل معاني الوجود.
هل نأسف¿ نعم قد نأسف .. ولكن ليس الأسف هو ما ننتظره من أنفسنا ولا من مثقفينا الذين لا أدري لماذا لم يستطيعوا حتى اليوم استيعاب ما يتعرضون له أو ما يعرضون له أنفسهم من موات وأرواحهم من يباب وجدب وتصخر لا يليق بمثلهم أبدا أبدا ولا يمكنه أن يليق بشريحة كان ومايزال ينتظر منها تحديد معالم الحياة الجديدة والمتجددة وصياغة الأحلام الجامحة والتخيلات الطامحة لمحيطهم الذي كان وما يزال مشبعا فخرا بوجودهم واحتضانهم وانتمائهم إليه .. مؤسف ومعيب للغاية أن يظلوا قائمين في فناءاته كالأشجار الميتة وإن كانت باسقة فإما أن تحيا وتثمر وتظل هذه الأشجار أو فلتغدو حطبا يستفاد منه بدلا من الإمعان في هذا الموت الذي لم يعد باسقا!!.

قد يعجبك ايضا