الصليف.. مدينة الملح والبحر

محمد محمد العرشي


محمد محمد العرشي –
إن معرفتنا بتاريخ بلادنا وجغرافيتها يساعدنا على معرفة واقع مجتمعنا ويجعلنا قادرين على حل مشاكله الاجتماعية والاقتصادية والتعرف على مكامن القوة والضعف فيها. وفي نفس الوقت سوف نتمكن من استغلال ثرواتنا الاقتصادية لتحقيق رفاهية اليمنيين وأوجه نداء لكل اليمنيين وعلى رأسهم السياسيين والمفكرين بأن يعملوا جميعا على استغلال هذه الثروات بدلا عن الصراعات السياسية والتفكير في كيف نحكم بدلا عن من يحكم. فيجب علينا نحن اليمنيون أن نعود إلى الاهتمام بالأرض والتفكير كيف نستغل ثرواتها الزراعية والحيوانية والاقتصادية فلقد حبانا الله ثروات طبيعية لا توجد في المحيط الإقليمي وكفى إهدارا لطاقاتنا ودمائنا في الصراع وها هي خيرات تهامة اليمن ومديرية الصليف بثرواتها المعدنية والسياحية والملح الذي يعتبر أجود ملح في العالم فلنسارع إلى إحياء جميع أراضيها وإلى تنمية اقتصادية شاملة تضمن لجميع أبناء اليمن حياة كريمة. وقد عرفت اليمن خلال الفترة من القرن الخامس قبل الميلاد وحتى القرن الأول الميلادي بالثراء الفاحش في نظر العديد من المؤرخين الإغريق وأبرزهم المؤرخ المشهور هبرودت وها هي الصليف من خلال خيراتها تؤكد مصداقية المؤرخ الإغريقي.

أخي القارئ الكريم …
الصليف: (الصلف) هو: مجاوزة قدúرö الظرúفö والادöعاء فوق ذلك تكبرا فهو رجل (صلöف) وقد (تصلف).
والصليف بفتح فكسر فسكون. مدينة وميناء تاريخي ومنجم للملح تقع على شاطئ البحر الأحمر بالغرب من الزيدية بمسافة 40كم وتبعد عن مدينة الحديدة70كم وتقابل جزيرة كمران الواقعة على بعد70كم إلى الغرب منها. والصليف ميناء طبيعي صالح لرسو السفن التجارية يقع شمال مدينة الحديدة وهي شبه جزيرة يحيط بها الماء من ثلاثة جهات فهي منطقة جميلة شاطئها نظيف.
وتشتهر الصليف بمناجم الملح والجبس كما تشتهر الصليف بصناعة قوارب الصيد.
والصليف منطقة جميلة تحتاج إلى عناية صحية فساحلها نظيف ممتاز إلا منطقة الملح تكثر فيه الرطوبة والبعوض مما جعل بعض الأدباء يظلمونها بالعزم فقال العلامة عبدالرحمن بطيش:
إلهي بالحبيب الطف بنا
واكفنا شر البلايا والنقم
الصليف صاح لا تسكنها
فسكون المرء فيها كالعدم
وقال الشاعر عبدالله عبدالوهاب نعمان حينما كان موظفا بها بعد الثورة:
لنومة ليلة وهناء نوم
أحب إلي من شرع الصليف
أريحوني ولا تألو بظلم
وبهدلة من النوم الخفيف
وقد قال حامد المحضار واصفا الصليف:
هذا الصليف قبيل الأمس خاوية
وها هو اليوم بالإنتاج في زحل
ونظرا لما تتمتع به الصليف من ثروات فقد تعرضت للإعتداء والقصف فقد نزح منها أهلها في القرن السابع الهجري واستقروا للعيش بجوار ضريح الفقيه الولي الصالح ” أحمد بن موسى بن عجيل ” في مدينة ” بيت الفقيه ابن عجيل ” وسميت الحارة التي سكنوا فيها بحارة الصليفيين نسبة إليهم وما تزال تحمل هذا الإسم حتى الآن.
كما خرج منها أهلها فارين وهاربين إبان الحرب العالمية الثانية عام 1914-1917م أثناء قصف البريطانيين لها بمدافع سفنهم وبوارجهم البحرية فأحرقها البريطانيون وخربوا بيوتها ومساجدها فخرج أهلها هاربين بأرواحهم ثم استولى عليها البريطانيون وقاموا بتسليمها إلى الإدريسي واستطاع الإمام المرحوم ” يحيى بن محمد حميد الدين ” انتزاعها من الإدريسي عام (1924ميلادية) وكانت قد قصفت عام1912م من البريطانيين أيضا إبان صراعهم مع العثمانيين.
ثروات مديرية الصليف التي اشتهرت بها (الملح ومحاولة التنقيب عن النفط):
يوجد في الصليف معدن الملح الطبيعي الذي اكتشفه المواطنون عام1292هـ واشتهرت مدينة الصليف بوجود مناجم الملح الصخري فيها والذي يعتبر من أجود أنواع الملح في العالم فهو يستخلص من تلال جبلية صخرية ترتفع عن مستوى سطح البحر حوالي (20-25مترا) وتغطيها طبقة خفيفة من الأتربة ويكتسب ملح الصليف أهميته وشهرته لاحتوائه على مادة اليود الهامة والضرورية لحياة الإنسان ومعدن الملح الحجري الموجود في الصليف لا نظير له في العالم فهو يشبه البلور في صفاء لونه وهو من المعادن الغنية.
وهذا المعدن عبارة عن شبه جبل في بطن الأرض والظاهر منه على سطح الأرض نحو مائتي قدم. وشرقي الصليف نوع آخر للملح الحجري يشبه ملح مأرب ومنه يأخذ أهل تهامة ما يحتاجون إليه من الملح.
اكتشاف الملح ومراحل التنقيب عنه:
اكتشف الملح سنة1292هـ أثناء التواجد العثماني في اليمن وكان اكتشافه عن طريق المواطنين حينما أرادوا حفر بئر للماء فوجدوا صخورا مالحة كلها طبقات ملح ومن ثم بدأ المواطنون بيع الملح ويعود بداية استغلال المنجم فيها إلى سنة 1297هـ 1880م ع

قد يعجبك ايضا