قانون الاستثناء

عبدالله عباس الإرياني


عبدالله عباس الإرياني –
يقطع (عبد الحافظة) خمسا وأربعين دقيقة يوميا من أجل التوقيع أمام اسمه الممهور على الحافظة وينتظر ست ساعات من أجل التوقيع أمام اسمه في الحافظة.حضور والفراق من أجل الحصول على مرتب لا يكفي للعيش حد الكفاف.اسمه عبد الرزاق وأطلق على نفسه عبد الحافظة وهو يقول قبل أن يوقع: السلام عليكم.
رد عليه من سبقه بالتوقيع:
– وعليكم السلام.
رمق أحدهم بعين ساخرة ثم قال:
– لم أرد السلام عليكم يا مغفلين بل على الحافظة.ثم كتب على ورقة ملونة كان قد احضرها معها ما يلي:(اسمي منذ اليوم الموافق 1/1/2011م عبد الحافظة)..وثبتها على الحائظ فوق مكتبه.لم يأت بجديد غالبية الموظفين عبيدا للحافظة الجديد أنه أفصح وأعلن علانية أنه عبدا للحافظة وزأقر بشجاعة نادرة أن من يستحق السلام هي الحافظة.
والحافظة هي رمز لذلك العبد الجديد.والعبيد الجدد أغلبهم لا ينجزون أي عمل فهي العبودية المحبطة التي تقهر نفسية صاحبها..وهي العبودية المذلة والظالمة وراتبها لا يكفي سد الرمق والكارثة: بعد ربع قرن من التوقيع على الحافظة.قضى عبد الرزاق عشرين عاما في مراجع الأوليات وبعد اإنتهاء من المراجعة يقوم بكتابة التقرير خاتمته الملاحظات وبناء عليها يكتب التوصيات..فإذا انتهى العام يعود من حيث بدا في العام الماضي:ملاحظات وتوصيات طوال عشرين عاما.ملاحظات تكبر عاما بعد عام وبناء عليها التوصيات.عبدالرزاق ينفخ في قربة مقطوعة طول عشرين عاما.وكان أمامه خيارين لا ثالث لهما:يقتطع نفسه أو يتبلد.عبد الرزاق البليد أفضل من المقطوع النفس المحتاج لنفسه من أجل أن يمنح أولاده عيشا لا يسد الرمق الأخير.عبد الرزاق البليد وهو يغالط نفسه قائلا:
– وظيفتي أن أكتب التقرير وليس شأني أن يعملوا به أم لا.
وأحيانا يقول:
– سيأتي اليوم يعملون بتقارير.
وإذا أدركه الإحباط أو الملل..يقوم:
– لم انفع نفسي أو بلادي.
أمام أن ينفع نفسه فذلك اختياره او انه ممن اطلقوا عليه اسم (الخبلان)..والأخبل أحبل سواء كان محترما أو أنه لم يحسن الإختيار أو أنه بدون ظهر.وعبدالرزاق لا يريد ان يعترف أين يكون موقعه من الخبلان.
إلا أنه لا يستطيع أن ينكر أنه كان (أخبلا) عندما أختار مكانا لا يستطيع أن ينفع فيه بلاده.
لكنه يقول:
– إذا كنت لم انفع بلادي فأنا لم أضرها..ويستطرد:
– وسيأتي يوم أنفع فيه بلادي عندما يعملون بتقاريري.
يقول ثم يقول حتى أصبح ما يقوله فلسفته من أجل ان يستطيع أن يتنفس ويعيش حتى الرمق الأأخير..وقال (لمرة واحدة فقط):
– وعندما يعملون بتقاريري سنعود للكلمات والجمل معانيها الصحيحة..وسأصبح عندها (أحمر عين) هكذا ييكون يصفون المحترمين.
وملاحظات وتوصيات عبد الرزاق لم تضيع في الأدراج إلا عندما فقدت الكلمة والجمل معانيها..ويقال أن مسخ (احمر عين) كان عندما أطلقوها على راكب سيارة (مونيكا)..وعلى عبد الرزاق وأمثاله:أخبل..الثقافة التي أرادوها من أجل يبرروا (البول) على تقارير عبد الرزاق.وثقافة سادت المجتمع حتى أصبحت أمنية كل أخبل في قرارة نفسه أو امام الناس لو كان أو يكون أحمر عين.
ومن المتقاعدين من يتحسرون على أنفسهم وهم يقولون:
– ذلك حاله..وهذا حالي..آه..آه..ليتني كنت أحمر عين.
إلا عبد الرزاق..ال:
– إذا كانت تلك صفة الخبلان فأنا أخبل وستين أخبل وإذا أدرك عبد الرزاق الإحباط فهو لساعات يستعيد بعدها أنفاسه.لكنه لزم بيته ثلاثة أيام عندما صعدت ملاحظاته وتوصياته أحدهم إلى نتصب أعلى كان التجربة الأولى التي تمر عليها وعندما تكررت للمرة الثانية كانت تجربة قديمة لم تستحق أن تحبط عبد البلدي..وعندما تكررت للمرة الثالثة..قال (ساخرا):
– إذا أردت أن تفشل موضوع كون له لجنة..وإذا أردت أن تصعد أحمر عين ابني له ملاحظات..وتوصيات فلسفة المتبلد..أو كما قال أحدهم:(طنش من أجل أن تقدر أن تعيش)
ولاحظ عبد البليد بعد ان أكمل عامه الخامس عشر في المراجعة أن قيادة الهيئة التي يعمنل بها بدأت تنهج منهج حمران العيون تنهج ما كان معلوما أنه محرم عليها.أتضح مع مرور الأيام أن المعلوم كان زيفا لم تدركه أو لم تعمل به القيادات السابقة للهيئة الخائفة من العواقب لكنها كانت تدري مصير تقارير عبد الرزاق..فأين كان موقعها من الخبلان¿..وكانت تدري بالثقافة السائد شعارها:
(اكتبوا ما تريدون ما دمنا نعمل ما نريد).
ومن أجل أن يعيش عبد المتبلد..طنش.
وفي العام الثاني من عمر القيادة الجديدة دعاه أحدهم..وقال:
– سأرفع من مكافأتك إذا أحسنت ملاحظات وتوصيات هذا التقرير.
– كيف¿
– أفهم يا…
– قصدك يا

قد يعجبك ايضا