“الأيام الخضر”… تشتي “رجال خضر” !!

أمين الوائلي

 - "العجلة من الشيطان", نؤمن جدا بالمضمون, ونقول هذا للآخرين, وغالبا نقع في العجلة .. قولا وعملا.. ليقال لنا العجلة من الشيطان, فكأننا نسمعها للمرة الأولى. "كل شي بوقته مليح". وبليغ.
أمين الوائلي –

“العجلة من الشيطان”, نؤمن جدا بالمضمون, ونقول هذا للآخرين, وغالبا نقع في العجلة .. قولا وعملا.. ليقال لنا العجلة من الشيطان, فكأننا نسمعها للمرة الأولى. “كل شي بوقته مليح”. وبليغ.
قادتني الصدفة إلى ورشة سمكرة سيارات, استوقفني باص نقل ركاب (حافلة متوسطة) بقي منه نصفه أو أقل, بعد حادث مروري مروع بسبب السرعة… المفارقة هي أن جزءا من الزجاج الخلفي للباص كان في حالة جيدة, تحديدا بقي الجزء الذي كان مكتوبا عليه بخط ثلث جميل “العجلة من الشيطان” !! قلت لنفسي: لا بد وأن السائق يعرف الآن أن هذا صحيح جدا!!
يدهشني أنني وأنا أكتب هذا أجدني مستعجلا, دونما سبب معين, هكذا درجنا لا أكثر.
* بعض المواقف والتصرفات المصيرية أو المؤثرة تكون سيئة لأنها جاءت على عجل, منشأها أفكار وتصورات تكونت على عجل في مواجهة وقائع دفعتنا العجلة إلى إهمال فحصها من كافة الأوجه. القرار الخاطئ هو المحصلة … والندم لا يغير شيئا إلا أنه قد يفيد في التعلم للمرات المقبلة. بالطبع إذا لم نقع في العجلة وننسى الدرس السابق.
أتذكر الآن أنني تصورت البلاد وكأنها ورشة سمكرة مكتظة بالسيارات والحافلات ووسائل النقل, من مختلف الأحجام والأشكال والماركات والموديلات, وجميعها تعرضت لصدمات وحوادث وتعاني من إصابات وأضرار فادحة ومكتوب على كل منها في مكان ما “لا تسرع فالموت أسرع”¿!!
* عندما تستمع, أو تقرأ, لجميع الفرقاء تجد منطقا متشابها وقدرا من العقلانية والحرص والرغبة في التقدم إلى الأمام والابتعاد عن منطقة الخطر والمواضع القابلة للاشتعال. هذا جيد ومطمئن, تحدث نفسك.
على الواقع نكتشف كل صباح وعشية بأن المحصلة العملية لسلوك وتصرفات الفرقاء في المستوى العملي والتنفيذي, لا تكتفي فقط بالإبقاء على مسافات قصيرة من مناطق الخطر والاشتعال بل تعمل باجتهاد لإضافة جديدة وملؤها بغاز سريع الاشتعال ودون حتى أن تضع تحذيرا من الاقتراب!!
* أكثر ما يدعو للتذمر هو البقاء في, والإبقاء على, حالة ومنطقة المراوحة نفسها (حق كل يوم). يجب أن نجد طريقة ما للتحرك والانتقال قدما. وحتى لا ننسى, يجب أن أذكر, من باب الإنصاف, بأن الجميع يتحدث بإسهاب حول التحرك والانتقال قدما.
صارت هذه الحالة تذكرني بصديق قديم من أيام بيع الجرائد وغسل السيارات, كان كثير الاحتفاء والتقدير للمقولة الشهيرة: “في الحركة بركة”. أذكر أنه جعل رفيقا ثالثا حسن الخط يكتبها له على قطعة كرتون وعلقها على الجدار فوق مرقده تماما في الحانوت القديم. القصة تكمن في أن الصديق إياه كان أكسل خلق الله وأكثرهم كراهية للحركة المنتجة للبركة. وعندما تسنح له فرصة الحديث معنا ينصحنا مخلصا بجدوى الحركة وطرد التكاسل. الآن أعتقد لو أن صديقي فكر بعمل يبرز فيه فلن يجد أفضل من السياسة والنضال. أراهن على مقدرته في تجاوز الآخرين وشق الصفوف إلى المقدمة بسرعة فائقة. خبراته (التي أعرفها جيدا) تؤهله لمكان ومكانة مرموقة. أتصور أنه سيد الكسالى بلا منازع..!
* البلاد, أو لنقل الحالة العامة, ليست شيئا آخر غير محصلة ما نحن عليه.. مجموع تناقضات وطبائع وأفكار وتصرفات الأفراد. عندما يتأفف أحدنا ويصب جام غضبه “على هذه البلاد”, لأنها هكذا.. ما هي عليه.. وليست شيئا آخر أو أفضل, إنما يفرغ قليلا من شحناته السالبة تجاه نفسه وبقدر ما يمثل ويشغل حيزا من فراغ في هذه البلاد. نحن البلاد, باختصار.
البردوني صاغها شعرا:
(سوف تأتي أيامنا الخضر, لكن … كي ترانا نجيئها قبل تأتö)
ما لم نجئ نحن أولا, ونجئها, لن تكون هناك أيام أفضل من هذه (الغبراء).
* الأيام الخضر يلزمها رجال خضر. اخضوضروا… تخضر لكم وبكم البلاد وأيامها. شيء من قبيل ( اضحك للدنيا تضحك لك).

شكرا لأنكم تبتسمون ,,,

قد يعجبك ايضا