بين اليأس والأمل (3)

ناجي عبدالله الحرازي


 - إذا تمكن الرئيس عبدربه منصور هادي من الإمساك بزمام المبادرة وإدارة الشئون السياسية في البلاد في هذه المرحلة الهامة من تاريخ اليمن كما يبدو أنه يحاول ذلك جاهدا رغم الصعوبات التي تواجهه فلن يتبقى مبرر يعيق أو يعطل الحوار الوطني و
ناجي عبدالله الحرازي –

إذا تمكن الرئيس عبدربه منصور هادي من الإمساك بزمام المبادرة وإدارة الشئون السياسية في البلاد في هذه المرحلة الهامة من تاريخ اليمن كما يبدو أنه يحاول ذلك جاهدا رغم الصعوبات التي تواجهه فلن يتبقى مبرر يعيق أو يعطل الحوار الوطني والمضي بعجلة التغيير المنشود إلى الأمام.
أما إذا استمرت حالة التوتر والقلق حتى في أوساط الكثير ممن يؤمنون بأهمية إنجاح الحوار فإن الأمر سيكون بحاجة إلى تأمل دقيق ودراسة متأنية حتى لا يقال أن علينا انتظار المعجزة أو المستحيل الذي طالما انتظرناه خلال العقود الماضية .
ومن يدري فقد نكون بحاجة حينئذ إلى احتجاجات شبابية جديدة أو إلى ثورة أخرى يذهب ضحيتها من نخشى عليهم وتؤدي إلى تعطيل حياتنا وإهدار المزيد من مواردنا البشرية والمادية.
ذلك أنه من غير المقبول أن تصر بعض القوى التي تقول إنها مع الحوار الوطني على مواصلة السعي لفرض إرادتها واستفزاز الآخرين إذا لم نقل تخويفهم أو إثارة قلقهم لمجرد أن السلطة المركزية غير مستقرة ولإثبات أن لديها القدرة على تحريك أنصارها واستعراض قوتها هنا وهناك كما لاحظنا مؤخرا.
كما لا يصح أن تتحول الساحات والميادين وحتى قاعات المناسبات إلى أماكن لاستعراض قوة هذا الطرف أو ذاك بمناسبة أو بدون مناسبة في وقت يبدو الجميع في أمس الحاجة لمراجعة الذات وتأمل المشهد اليمني بصورة أشمل وأكبر من الصورة الضيقة التي ينظر إليها البعض.
وما حدث خلال الأسابيع الماضية عندما تابعنا ما فعلته بعض القوى السياسية اليمنية داخل البلاد أو حتى في الخارج و ما صرح به بعض قادتها محير بالفعل ويفرض علينا أن نتساءل حول مدى جدية هؤلاء في الاحتكام للحوار والقبول بنتائجه وحول ما إذا كان هذا الحوار سيضع حدا لأزمتنا ..
أزمتنا التي تعول يبدو أن بعض الأطراف تعول على المجتمع الدولي لكي يضع حدا لها أو يخلصنا منها غير مدركة أنه “ماحك جلدك مثل ظفرك .. فتول أنت جميع أمرك”.
بن عمر والقضية الجنوبية
وهذا يدفعنا للحديث عن ما تردد بالأمس حول مساعي المبعوث الدولي جمال بن عمر الرامية لإقناع بعض الأطراف بالمشاركة في الحوار ولقائه في دولة شقيقة بأطراف وشخصيات قيل إنها معنية بالقضية الجنوبية!!
وكأن القضية الشمالية محسومة ولا خلاف حولها حتى في ما بين الشماليين أنفسهم.
صحيح أن هناك مشكلة في المحافظات الجنوبية بدأت بالأزمة التي أدت إلى حرب صيف العام4991م ومازالت تداعياتها تقض مضاجع الكثيرين منا حتى اليوم ..
إلا أن هذه المشكلة لا علاقة لها بالوحدة اليمنية وبإرادة كل اليمنيين الذين تحقق حلمهم يوم 22 مايو من عام 0991م .
ولمن يشككون في ذلك نقول: هاتوا صوتا واحدا سمعناه يعارض إعلان وحدة الشطرين في ذلك اليوم التاريخي وحتى خلال الفترة الانتقالية لدولة الوحدة والتي اقتسم فيها الحزبان الحاكمان (في الشمال والجنوب) السلطة مناصفة.
فالثابت تاريخيا أن الأزمة التي أعقبت انتخابات عام 3991م وما أعقبها من توتر وحرب ومظاهر احتجاج لم تكن لها أية علاقة بوحدة البلاد والعباد بل كانت وليدة خلافات مصالح وسلطات بين قادتنا .. شركاء الوحدة اليمنية الذين فرقتهم مصالحهم.
وإذا كان الرئيس السابق علي عبدالله صالح قد تعامل مع شركائه في تحقيق الوحدة بأسلوب لم يقبله بعض الشركاء فاليوم لدينا رئيس يده ممدودة للجميع لايرى أنه صاحب القرار الفصل ولا يريد أن يفرض رأيا محددا لا على الشماليين ولا على الجنوبيين وذلك انطلاقا من حرصه وحرص حكومة الوفاق (الإنقاذ) المؤقتة على مصلحة اليمن .. كل اليمن .. واليمنيين .. كل اليمنيين .. دون فرق بين شمالي أو جنوبي أو شرقي أو غربي.
فهل يستوعب دعاة التركيز فقط على القضية الجنوبية أن قضية اليمن أهم وأسمى وأشمل وأن إصلاح أوضاع أهلنا في المحافظات الجنوبية لن يتم دون إصلاح أوضاع اليمنيين في كل مكان وبالتالي فإن واجبهم يحتم عليهم التفكير في مستقبل اليمن واليمنيين ككيان موحد دون الحاجة إلى نظرة التشطير الضيقة.

قد يعجبك ايضا