الحوار الوطني.. التاريخ نكتبه الآن

د.فارس السقاف

 - [التاريخ يقاس بما بعده لا بما قبله]
   لو رجعنا إلى الوراء قليلا قبل الانتهاء من تحضيرات مؤتمر الحوار الوطني بإعلان انطلاقه في مـــ18ـارس القادم  وطرحنا سؤالا هو : هل تعتقد بانعقاد
د.فارس السقاف –

[التاريخ يقاس بما بعده لا بما قبله]
لو رجعنا إلى الوراء قليلا قبل الانتهاء من تحضيرات مؤتمر الحوار الوطني بإعلان انطلاقه في مـــ18ـارس القادم وطرحنا سؤالا هو : هل تعتقد بانعقاد الحوار الوطني وإمكانية تحققه أو حتى التئامه خلال جدوله الزمني¿! لأتى الجواب سريعا جازما: لا يمكن.. مستحيل.. نحتاج إلى معجزة!
ولو استطلعنا آراء عينات نوعية وعشوائية حول جدارة شخص عبد ربه منصور هادي لإنجاح انعقاد الحوار .. لربما جاءت نتائج الاستطلاع الواسع تشكك في مقدرته ليس لأسباب شخصية ولكنها التعقيدات وصعوبات الوضع بشكل محبط..
إذن هذه هي المرة الأولى على الإطلاق ينعقد حوار وطني في اليمن عبر تاريخه المديد شمالا وجنوبا.. شرقا وغربا .. وما جرى قبلا فيما يسطره التاريخ ليس سوى مفاوضات في نزاعات تنتهي إلى مصالحات أو اتفاقات هدنة أو معاهدات توفق بين أطراف نزاع وتسوي أوضاعها في مرحلة ما بعد المواجهة.
“الحوار الوطني الشامل” تعبير يتميز بوضوح عن ما سواه من تعبيرات مشابهة فالحوار لا يعنى بإنهاء نزاعات أو خلافات سياسية أو عرقية أو دينية داخل دولة واحدة أو أكثر ترتبط معها بذلك فهذا مقصد سيتم استيعابه في بناء الدولة التي يفترض غيابها فيتطلب بناؤها أو إعادة بنائها.. فهي دولة المواطنة .. دولة النظام والقانون .. دولة حديثة .. دولة لا مركزية.. وهذا كله سينتظم في دستور سيتم التحاور عليه ثم الاستفتاء عليه.. وهذه هي المهمة الرئيسية لمؤتمر الحوار الوطني وبذلك ستعالج كل القضايا والمطالب بشكل طبيعي يترتب بقوة الدستور.. إلا أن تطورات الثورة وجدليتها مع التسوية السياسية فرضت تقدم قضيتي : الجنوب وصعدة واستقلال التحاور حولهما وهو أمر صار مقبولا من كل الأطراف ومستحقا لهما ولن يؤثر على مسار بناء الدولة إن لم يساعد في دعم الإجماع والتوافق عليه.
* من حيث الموضوع يجري ولأول مرة حوار من أجل بناء دولة بعد أن كان الموضوع واحدا وحيدا هو إيقاف نزاع.
** من حيث المشاركة لأول مرة أيضا بهذا التمثيل الواسع لقطاعات الشعب المختلفة ومن فئات عمرية ومن الجنسين بعد أن كان مقصورا على صفوة فوقية هي أدوات الصراع.
*** من حيث السياق التاريخي فهي تجيء في ظروف فريدة نتاجا لثورة شعبية سلمية تريد إيجاد واقع جديد يقطع الصلة بالماضي وهو ما نحتاج إلى وقت حتى نرى نتائج مختلفة .. لكنها ثورة مستمرة .. فهي مرحلة انتقالية ولم تستقر على أهدافها النهائية.
**** من حيث الدوائر المتحرك فيها الحوار فهي واسعة داعمة وضامنة فبالإضافة إلى الدائرة الوطنية هناك الدائرة الإقليمية ثــم الدائرة الدولية.
***** ومن حيث قيادة التغيير يحظى الرئيس هادي في حالة نادرة بشرعية ودعم وطني وإقليمي ودولي وهو يؤكد ويذكر بأنه يريد لهذه العوامل كلها أن تكون الفرصة التاريخية التي لا تتكرر لبناء دولة حديثة وحل مشكلات اليمن.
صفــوة القــول إن الآراء الآن تغيرت إلى حد كبير .. فقد تعززت الثقة بقدرة الرئيس هادي لقيادة التغيير وإنجاح الحوار الوطني وهو الذي أضحى حقيقة حاسمة في مــ18ــارس القادم لاسيما بعد تصريح الرئيس بأن اليمن مهيأة للحوار الوطني الشامل.
وعليــه فإن الجماعة الوطنية اليمنية هي الآن من ستقرر نجاح الحوار بالخروج بنتائج لصالح الوطن وسيقررون بأن اليمنيين استفادوا من الفرصة التاريخية والسانحة المصيرية.

قد يعجبك ايضا