لا لتسييس الوظيفة العامة

محمد العزيزي


 - يعمد الحكام العرب دوما وبمجرد وصولهم إلى السلطة إلى استغلال السلطة وتجنيد الوظيفة العامة لخدمة مصالحهم السلطوية والسياسية والحزبية إن اطماع الحكام وإغراءات السلطة بكل جوانبها المعروفة هي من تحول الحاكم أو صاحب السلطة إل
محمد العزيزي –

يعمد الحكام العرب دوما وبمجرد وصولهم إلى السلطة إلى استغلال السلطة وتجنيد الوظيفة العامة لخدمة مصالحهم السلطوية والسياسية والحزبية إن اطماع الحكام وإغراءات السلطة بكل جوانبها المعروفة هي من تحول الحاكم أو صاحب السلطة إلى ديكتاتور أو مستبد تقهر الشعوب بها ومن خلالها رغم أن الوظيفة في الاساس وسيلة وأداة لخدمة الشعوب ورقيها وتطورها.
إذا متى تكون الوظيفة العامة حقا من حقوق الشعب وجزءا لا يتجزأ من حقوق ومبادئ المواطنة المتساوية ولم تكن الوظيفة حكرا أو ملكا لحاكم أو جماعة أو حزب ومهمة شاغلي هذه الوظيفة خدمة الوطن وأبناء الشعب باعتبارهم أصحاب السيادة والسلطة والحق في أن تستغل الوظيفة وشاغلوها لخدمتهم بالشكل الأمثل والأرقى والأفضل وبما يرضيه «أي الشعب» كونه المالك والممول الوحيد للسلطة والوظيفة وكما هو معمول به في دول العالم وأكدت عليه ثورات الربيع العربي التي أشعل فتيلها بداية العام 2011م وما نزال نعيش ربيعها الثالث على التوالي.
المتتبع منذ عقود لأنظمة الحكم في العالم العربي يستطيع أن يكتشف وبسهولة مدى إفراط من قفزوا إلى سدة الحكم وكراسي السلطة واستثاروا بها في الإفراط باستغلال العمل الإداري والوظيفة العامة وتطويعها في خدمة الحاكم ونظام وزمرة الحكم وجعلها أداة في تقريب هذا وكسب رضا وثقة وولاء ذاك فلا يلتفت المسؤول أو الحاكم إلى صاحب السلطة الحقيقي ومالكها الشعب الذي دائما ما نلاحظ الحاكم يتغنى به ويسوق إليه عبارات المديح والانتماء والارتهان إليه.
لم تشعر الشعوب العربية أنها صاحبة السلطة ومصدرها وأن المسؤول أين ما كان موقعه أو منزله أو مكانته ماهو إلا عامل أو موظف لدى أبناء أمته وإسناد السلطة أو الوظيفة إليه ليس لأن يخلد أو يستغلها لنفسه وجماعته وتحقيق مصالح ضيقة وإنما ليسخر الموظف كل إبداعاته وإمكانياته الإدارية أو السلطة التي منحها له الشعب لأجل خدمته.
ليس بخاف على أحد المماحكات والإقصاءات التي تمارس من قبل هذا الطرف أو ذاك وخروج موظفين في كثير من المكاتب الحكومية سواء في دواوين الوزارات بالعاصمة أو المحافظات نتيجة للظلم أو المطالبة بالحقوق أو بسبب إقصاء موظف أو مسؤول وتعيين آخر جديد ليس لأنه كفؤ أو غير ذلك ولكن لأن معايير هذا الزمن يخضع لشرط: من أنت¿
ثقافة استغلال الوظيفة العامة وتسييسها ثقافة قديمة جديدة تغلغلت في البلدان العربية وما يحدث اليوم في مصر وتونس والعراق واليمن أكبر دليل وفاضح لعملية استغلال الوظيفة العامة في الاعتراك السياسي وحالة الاضطراب وعدم الاستقرار ومن هنا نوجه نداء إلى الحكومة وكل مسؤول منح ثقة قيادة البلاد والدولة أن يجعل الوطن والشعب هما المقصد من السلطة وتسخيرها لخدمتهما لأن تسييس الوظيفة العامة لن تكون إلا دمارا على الوطن وصاحب السلطة ومن يسعى للوصول إليها أو استغلالها لصالح فرد أو حزب.. فهل نعي هذا¿!

قد يعجبك ايضا