ثقافة الزمن

عائشة عبدالله المزيجي – جامعة ذمار


عائشة عبدالله المزيجي – جامعة ذمار –
زمن للحرب قصة للقاص الروائي / سمير عبدالفتاح قد برع في قصصه وفي هذه القصة يعرض ويجعل الساحة لفظا ومعنى للزمن راميا ومتجها نحو المعنى الخلف الظاهر معطيا وموسعا دلالة الزمن ولأن عنوان القصة” زمن للحرب ” كان لابد من أن يثبت وجود ذلك الزمن وبشكل ملحوظ فلا ترى بعض سطور إلا وقد قام على قائمتها ذكر الزمن وقد تنوعت ألفاظ الزمن في هذه القصة مثل: الليل المساء وما دل على ذلك إلى ما يقارب بضع وعشرين مرة” الآن ” أيضا ” بضع عشرة مرة أما لفظة لحظة ولحظات فبعض مرات وبضع عشرة مرة للدقائق والثواني..

اما الكلمات الدالة على المستقبل مثل :” أبدا غدا” فثلاث مرات ذكرت أما الإشارة إلى الزمن بالكتابة دون تصريح فثلاث مرات تقريبا وكلمة الفجر الصباح فبضع مرات تقريبا.
وقد جاء زمن الليل زمنا طبيعيا بعدة صيغ وألفاظ: الظلام المساء السماء المظلمة تأمل:
(نمت عند العاشرة وخمسه وأربعين دقيقة مساء ) ص7 ( ما زالت الثامنة وأربع وخمسين دقيقة مساء ما زال الوقت مبكرا للنوم) ص42.
كما جاء لزمن لون للحدث تأمل ( دقات الساعة تعلن اقتراب الموت وعقاربها تسابق الشمس نحو الغروب ) ص 23.
(ألف دبابة مرت خلال الليلة الماضية) ص34 ( تفكر بكيفية إخفاء انهيارك في الليلة الماضية) ص50 ( الساعة السابعة مساء تتفقد خلاياك إحداها هربت فتركتك تصارع الخوف ) ص25 ( تقلب بصرك في أرجاء غرفتك لتختار المكان المناسب لقضاء ليلة مفزعة) ص11 ( القذائف التي أحالت النهار إلى ليل ) ص49 ليكون الزمن الطبيعي زمنا نفسيا وانعكاسا لنفسية الشخصية ولونا للحدث ولأن الزمن صار نفسيا فقد سوغ الخيال لليل أن يظهر مجسما مجسدا تأمل : ( تنظر في ساعتك لم تمر سوى عشرين دقيقة بعد الثامنة مساء والليل ما زال يزحف ببطء ) ص39 ( تربط الليل بحبل وتحاول سحبه للغروب وعندما تنجح في مهمتك المستحيلة تستيقظ لترى أن محاولاتك أوجدت كابوسا جديدا )31.
فالزمن عندما تحول الى نفسي أصبح مرنا يشكل تبعا لنفسية الشخصية وصياغة القاص وقد جاء تنوع وتعدد ألفاظ الزمن ليل ومساء وظلام والاهتمام بالصياغة اتجاها نحو التنفيس عما بداخل الشخصية وإشار للحدث ويدل هذا الاتجاه على اهتمام القاص بالشخصية وتفصيل الحدث ووعي الكاتب بأهمية الزمن والقدرة على نسجه.
ومن الألفاظ الدالة على الزمن لفظة ” الأن ” وهي تجعل الشخصية مزامنة للحدث مستعرضة تفاصيله خاصة وأن الشخصية كانت مخاطبة من قبل الراوي طوال القصة ومع الاستعراض تجعل ” الأن ” الشخصية مواجهة لنتائج الحدث الآنية أيضا تنبه ” الأن ” الشخصية ببقية الزمن التالي والتخطيط له.
كما نستوحي كره الشخصية للزمن ” الآن ” لأنها توقيت محدد لحدث لا تمهل فيه ولضيق زمن ” الآن ” وتحديده تستوحي قلق الشخصية سواء كان القائم بالحدث الشخصية أو كانت الشخصية متلقية للحدث متأثرة به تأمل ” تميز الآن أن الأصوات ..أصوات القذائف بعيدة بما يكفي لتشعر بالأمان لعدة لحظات ) ص12 ( الساعة الآن الثانية صبحاحا..وآلاف الثواني تنتظر دورها لإفزاعك ) ص12 ( تتسلل النافذة لعلك تدرك ما يحدث فتتواجه أنت والسكون ولم يخرجكما من المواجهة سوى أعيرة نارية مزقت السكون وتنتظر أن تمزقك أنت أيضا … تتراجع للخلف وأنت تفكر فيما سيحدث الآن ) ص14 (ربما سيطيرسقف المنزل الآن أو بعد ثانية ) ص32 (تخشى أن تموت قبل عمل شيء يبقيك على قيد الحياة على الأقل في عيون الناس) ص43.
أما الفجر والصباح فقد كان وجودهما في القصة ضد الليل من ناحية الكم والكيف إذ مع قلته نستوحي العتمة المسيطرة على دلالة القصة.
وقد وظف الكاتب الزمن المبهم ” لحظة ولحظات ” توظيفا يخدم دلالة الحدث فقد يمد الكاتب الحدث تحت ظل الزمن المبهم ” لحظة ولحظات ” ( تميز الآن أن الأصوات أصوات القذائف بعيدة بما يكفي لتشعر بالأمان لعدة لحظات )ص12 وقد يجد الكاتب في إخفاء الزمن إخفاء للون الحدث ( تترك السرير لتحاول النوم خلف الباب تمهيدا لأي طارىء فكل لحظة قد تعني النجاة وتعني… ص12 كما أن عدم تحديد الزمن لا يعني عدم تحديد لون الحدث حين يتجه قصد الراوي نحو الاستمرار في ذاك الحدث ( الأمان الهش ما زال يتسرب من بين يديك يختفي للحظة ليعود أقل مع اللحظات الأخرى ) ص38.
تمويه مساحة الحدث المعتم تحت ظل ” لحظة ” والإيحاء باتساع الحدث مع جمع لحظة- لحظات تأمل ( لكن صوتا ما يجتاز الشارع بعيد منزلك الى أساسه ويؤكد لك أنك ما زلت على قيد الحياة وأن اللحظات السابقة كانت كابوسا ) ص15 تختصر القصة الزمن لكره الشخصية حدثا التصق بها ( أحزنك عدم حفاظك على قسمك وتبرر ذلك بأنها لحظة ضعف ) ص38.
من كل ما سبق الوقوف عليه يمكن القول أن القصة قد جعلت الزمن مح

قد يعجبك ايضا