عام يمني في مسار التغيير !!
يكتبها اليوم فيصل مكرم
يكتبها اليوم / فيصل مكرم –
في بلد مثل اليمن يتسابق فيه المغامرون على إنهاكه بمتوالية أزمات وملفات شائكة وإرث صراعات أفقدته لردح من الزمن مقومات الاستقرار كان لابد أن يخوض اليمنيون تجربة تحول حقيقي ينتشل بلدهم من حال الإنهاك والجمود ويعيد لشعبه الأمل في الانعتاق من اليأس والقنوط والخروج الآمن إلى رحاب المستقبل وبناء أرضية صلبة للأجيال القادمة تواكب متطلبات العصر وتتأثر بمتغيراته وتهيئ أسباب ووسائل العيش الكريم والمواطنة المتساوية والعدالة الاجتماعية من خلال بناء يمن مستقر وآمن تسود فيه دولة المؤسسات وتتساوى لشعبه فرص المشاركة في توجيه وتحريك عجلة التنمية والبناء بعيدا عن مسالك الخطر وحواف الانهيار.
حين خرج الملايين من أبناء اليمن إلى ساحات وميادين التغيير في الـ11 من فبراير العام 2011 للتعبير عن إرادتهم في استعادة وطنهم من أيادي المغامرين كانت مواكب تظاهراتهم السلمية وشعاراتهم العفوية وصيحاتهم الهادرة تنفض عن كاهل اليمن أزمنة مثقلة بالفساد والاستبداد .. كانت طلائع شباب وشابات اليمن في مقدمة تلك المواكب الجماهيرية المتعطشة للتغيير .. كانوا يتقدمون الصفوف بصدورهم العارية ويبذلون دماءهم الزكية وأرواحهم الطاهرة لكي يتحرر وطنهم من سطوة الجاثمين على صدره ومن أزمات وفساد واستبداد المغامرين المتخمين المستأثرين بموارده وثرواته .. كان شباب اليمن يتدافعون إلى الموت والشهادة في ساحات التغيير وميادين الحرية تسوقهم أحلامهم المشروعة بوطن خال من الفقر والبطالة والمحسوبية وطن خال من الفساد والاستئثار الفئوي أو الأسري بالسلطة والثروة على حساب الملايين من أبناء الشعب.
في الـ11 من فبراير 2011 كان شباب وشابات اليمن في الموعد .. كانت أنظار العالم تتجه نحو هذا البلد المنهك بأزماته وفقره وصراع المغامرين من أبنائه ونخبه .. كانت الخيارات كما الاحتمالات بما سيئول إليه هذا البلد مفتوحة على كل المسارات .. تظاهرات واعتصامات رصاص ودماء اشتباكات ومتاريس تصعيد واحتقانات وحرب عبثية كادت تداعياتها تطيح بآمال وتطلعات شباب ثورة التغيير بل كادت تهوي باليمن إلى الفوضى والحرب الأهلية .. كان اليمنيون يلملمون جراحهم وجروح وطنهم وكان العالم يترقب متخوفا من بلد تنتصر فيه الفوضى على إرادة الاستقرار وينتصر فيه المغامرون على ثورة تغيير باتت حتمية في خياراتها وأهدافها.
وفي مثل هذا اليوم من العام الماضي كان اليمنيون على موعد جديد مفعم بالأمل .. فبعد عام ونيف على انطلاق شرارة الثورة الشبابية وما واكبها من تداعيات ومشاهد ثورية اختلط فيها أزيز الرصاص بهدير الجماهير وما تخللها من مثول أطراف الأزمة للمبادرة الخليجية كمخرج تاريخي لهذه الأزمة مثل انتخاب الرئيس عبدربه منصور هادي رئيسا “توافقيا” للجمهورية محطة فارقة لجهة إخراج اليمن من أزماته وتجاوز مخاطر انزلاقه إلى الفوضى والحرب الأهلية وليتولى قيادة بلد منهك ومهدد بالانهيار إلى بر الأمان .. كان الرئيس هادي أمام خيارات صعبة أحلاها أشد مرارة من مرها .. كان لا بد أن يطمئن اليمنيون إلى مستقبل بلدهم ويطمئن الجوار الإقليمي والمحيط الدولي إلى رجل يمكنه تبديد مخاوفهم من أن يتحول هذا البلد إلى مصدر تهديد لمصالح العالم في منطقة لا تقبل أنصاف الحلول.
اليوم يحتفل اليمنيون بعام من استقرار نسبي غير أنه استقرار مقبول حيث كان ذات يوم قريب من أصعب الرهانات على الصعيد الداخلي وعلى الصعيدين الإقليمي والدولي .. الرئيس هادي تخطى صعاب مرحلة الانتقال باليمن إلى الدولة المدنية الآمنة والمستقرة .. وتخطى اليمنيون مرحلة الخوف على مستقبل وطنهم ومستقبل أجيالهم .. العالم يقف إلى جانب اليمن وهو إذ يدعم الرئيس هادي إنما يدعم خيارات اليمنيين المحسومة لمصلحة بلدهم ومن العبث التشكيك في حالة الاندماج بين إرادة هذا الشعب وبين نوايا الرئيس هادي والعلاقة الوثيقة بين رئيس يقود مسيرة التغيير وشعب فجر شرارة ثورة من أجل التغيير .. وحيث أنه يتوجب على كل جماهير اليمن وكل القوى والأطراف السياسية والوطنية دعم الرئيس هادي لكي يمضي باليمن قدما نحو التغيير والدولة المدنية الحديثة فإنه لا بد أن يبقى اليمن كبيرا في قلوب أبنائه وشامخا متماسكا أمام أنظار العالم.