حديث السياحة التعيس

خالد الصعفاني


 - قارح واحد كفيل بأن يجعل بين السياح وبين بلادنا سدا مانعا كذلك الذي بناه يوما ذو القرنين بين من طلبوا منه النجدة وبين قوم يأجوج ومأجوج .. هذا درس لمسناه في كل مرة يطلع فيها علينا زائغ أو ضال ليعبر بـ “ الغلط “ باسم اليمنيين ويتحدث عن اليمن بلسان غير ذي منطق أو عقل ..
خالد الصعفاني –

قارح واحد كفيل بأن يجعل بين السياح وبين بلادنا سدا مانعا كذلك الذي بناه يوما ذو القرنين بين من طلبوا منه النجدة وبين قوم يأجوج ومأجوج .. هذا درس لمسناه في كل مرة يطلع فيها علينا زائغ أو ضال ليعبر بـ “ الغلط “ باسم اليمنيين ويتحدث عن اليمن بلسان غير ذي منطق أو عقل ..
ولا يهم حجم القارح أكان قنبلة أو عملية اختطاف سائح أو حتى نزاعا عسكريا محدودا بين الدولة وبين دوليات المشايخ أو الجماعات من داخلها , أما النتيجة فواحدة وهي إرسال الرسالة المقلقة أو المخيفة عن اليمن وأهله للغير في الخارج وبالتبعية نتضرر بفعل هروب موارد السياحة من العملة الصعبة بسبب عزوف الأجنبي عن تدشين أو البدء بأنشطة إنسانية أو تنموية وكلها تصب في خانة الريف والمرأة والطفل والتعليم..
صحيح قد يكون لإخواننا في بعض الجماعات وجهة نظر خاصة وينظرون للأجنبي بين قوسي العينين وقريبا من علامات الاستفهام أو المخاوف العديدة إلا أن هذا لا يبرر أن ينبري هذا أو ذاك للتعبير عن اليمن وأهله بالطريقة التي لا تؤكد للآخرين إلا أننا “همج” ومتخلفون ولا نلتقي على عنوان واحد جمعي حيث مصلحة البلد وصالح المواطن ..
يمكن أن يأتي وزير سياحة ويذهب ويأتي آخرون , لا يهم الأمر مع “قارح” بين الحين والآخر , وقد نبني استراتيجية سياحية أو خطط لكنها تظل في حاجة لاستقرار وأمان تام يعمد عودها ويقوي بنيتها .. يعني بالمختصر والمفيد أن قارح واحد من مخرب ينسف الأبراج السياحية التي بناها العمارون السياحيون في أشهر وسنوات ..
.. والحقيقة لا أدري كيف هو حال السياحة اليوم وما بقي منها بعد عامين من (الجعجعة والطحين القوارحي) الذي شهد دخول قطع السلاح التركي والإيراني في حين غاب عدد السياح الأجانب من الشرق أو الغرب إلى حد لا تكاد ترى .. أليس كذلك ¿! .. سؤال أوجهه لوزارة السياحة ..
أقول .. إنه لم تعد وسيلة الإعلام بالبلدان الآثار وبقايا حواضر التاريخ فقط , فالصناعة المحترمة تكسب الاحترام وتجذب السياح والعمل السياحي الممنهج والطموح يجذب السياح كما أن العطاء الرياضي المتفوق والتميز في الطب أو العلاج يجتذب السياح والضيافة المميزة للضيوف تجذب السياح والمكون الثقافي والاجتماعي الفريد يجذب السياح.. لكننا وهو ما نخشى أن يكون عاملا أولا للإعلام بالسياحة إلينا أن القارح سهل والصراع المسلح وارد وعمليات الاختطاف بند مفتوح لدى القبيلي والشيخ وهذا كله ينفر من اليمن ولا يجعل من زيارتها إلا محاولة للعيش في فيلم “اكشن” من غير ضمانات حقيقية ..
وأتذكر أنني قبل عدة سنوات التقيت سائحين من النمسا كبيرين في السن رويا لي أنهما جاءا لليمن لمدة أربعة أيام فقط وأنهما ضمن مجموعة من ثلاثة الزواج يقضون في البحرين يومين آخرين قبل أن تنتهي إجازتهم .. سألتهم كيف سمعتم عن اليمن .. فقال الرجل إنني أتيت إلى اليمن نزولا عند رغبة مني وتأكيدا من زوجتي التي سبق وزارت اليمن بأن اليمن وضعه الأمني جيد ولا خوف مما يطرحه الإعلام وينقله الإعلام الأجنبي عن الأوضاع في اليمن .. قال : أتيت وأنا خائف لكنني أثق في كلام زوجتي .. هكذا أكدت له زوجته التي زارتنا قبل سنوات وظل الانطباع الجيد في رأسها حتى لحظة الزيارة الأخرى التي كانت بمعية خمسة آخرين ..
أخيرا:
اليوم لست متأكدا من طبيعة اللسان الذي تتحدث به وزارة السياحة مخاطبة الأجانب من أشقاء وأصدقاء وغرباء خصوصا في ظل العك الذي تعيشه البلد وفي ظل عودة حوادث ترويع الغير من الزيارة ليمن الحكمة والإيمان البلد الذي كان في يوم ذا جنتين عن يمين وشمال .. نحتاج اليوم تضافر جهد الجميع على كافة الصعد كي نعيد صورة اليمن كما كانت كان لدينا سياحة متواضعة لكن ثابتة الموارد وثابتة العطاء أما الاستمرار في العزف بلوي ذراع الدولة بخطف “ ملون “ ومكافأة الدولة الأخير بمال وعتاد ومركبات وبقاء الهيئات المعنية بالسياحة في موقع المشاهد فإن النتيجة بقاؤنا خارج دائرة التعارف التي تعود علينا بالنفع والفائدة ..

khalidjet@gmail.com

قد يعجبك ايضا