هل هي نبوءة شاعر ¿

علي أحمد بارجاء

 - 
عاش الشاعر سليمان بن عون ( 1895- 1965م ) عصرا مليئا بالأحداث المختلفة فقد كانت حضرموت منقسمة إلى سلطنتين هما : السلطنة الكثöيرöية التي حكمت من الحوطة غربا إلى تريم شرقا, والدولة القعيطöية
علي أحمد بارجاء –

عاش الشاعر سليمان بن عون ( 1895- 1965م ) عصرا مليئا بالأحداث المختلفة فقد كانت حضرموت منقسمة إلى سلطنتين هما : السلطنة الكثöيرöية التي حكمت من الحوطة غربا إلى تريم شرقا, والدولة القعيطöية التي حكمت ساحل حضرموت وجزءا واسعا من الوادي يمتد من مدينة شبام شرقا حتى دوعن ووادي عمـد ووادي العين وأجزاء من شرق الوادي .
وكان على مقربة من الأحداث السياسية والاجتماعية كالصراعات السياسية والعسكرية بين السلطنتين قبل وأثناء وبعد اتفاقية الاستشارة ثم الحماية التي وقعتها السلطنتان مع حكومة عدن البريطانية ولعله لم يكن راضيا عن الوضع السياسي المشطور في حضرموت بين سلطنتين متصارعتين تفكر كل منهما في الانقضاض على الأخرى في تنافس محموم ينتج الموت والدمار أكثر من تنافسهما في البناء والتعمير للبنيتين الفوقية والتحتية للمجتمع ويتبين ذلك من رواية يرويها يسلم عبيد مصúعوف أحد أبناء منطقة العنين في مديرية القطن المتوفى في شهر سبتمبر 2002م مفادها أن حاكما من حكام مدينة شöبام من قöبل الدولة القعيöطية استدعى سليمان بن عون ذات يوم للحضور إليه, وعندما حضر بلغ الحارس الحاكم بوجود رجل يدعى سليمان بن عون يريد المقابلة فأبلغه أنه هو الذي دعـاه للحضـور, وأمره بالسماح له ونهض الحاكم لاستقبال الشـاعر وبعد أن تبادلا التحية طلب من سليمان أن يقول شعرا وإنه لن يقعد ولن يقعد الشاعر إلا بعد سماع القصيدة وحاول سليمان الاعتذار وأنه جاء تلبية لدعوة ولم يأت ليقول شعرا وعندما رأى سليمان إصرار الحاكم لم يكن منه إلا تلبية الأمر وشدد الحاكم على كاتبه أن يدوöن كل ما يقوله سليمان من شعر بحيث لا تفوته منه كلمة فقال سليمان :
عöـزاك يا نون الصـبا في ما ترى
في المجöد والرöفعـة وتاريخك قديم
هبت على الأحقاف رöيحöة صرصرى
ريحö العذاب امحت بöكم را سöين مöيم
ينزل عليـكم ما نـزل في لمú تـر
من حجöر بöنú دغـار لا الغنـا ترöيم
و يبدو أن الحاكم لم يكن قد فهöم مرام الشاعر وعند انتهاء المقابلة مضى سليمان لحال سبيله ولكن الحاكم طلب من عمر بن شيخ (شاعر من مدينة غيل أبي وزير الواقعة بين المكلا والشحر في ساحل حضرموت اسمه عمر بن شيخ بن مطهر با وزير كان كثير التردد إلى وادي حضرموت) أن يجيب سليمان بشعر ردا على شعره فاعتذر بحجة أن الشاعر سليمان قد قال كلمة لا يمكن الرد عليها وهي أن حكم القعيطي والكثيري لا محالة زائل عن حضرموت ماحöيا لرسومهم كما محا الله بالطير الأبابيل جيش أبرهة عن بيته العتيق وأزالهم عنه بلا رجعة وقد صدقت نبوءة الشاعر بعد حين .
و يتضح من هذه الرواية موقف الشاعر سليمان من نظام الحكم السائد في حضرموت وعدم رضاه عنه بحال من الأحوال وقد عبر عن موقفه هذا بشجاعة وقال كلمته فيه بفم ممتلئ أمام أكبر رأس في شöبام ولم يكن ليخاف فيما قاله لومة لائم .
أبيات كهذه يصنفها الناس أنها من باب النبوءة وأرى أنها من باب وعي الشاعر ومعرفته بالواقع السياسي العالمي والعربي والمحلي الذي عاش فيه عضوا فاعلا وصدرا من صدور الدولة الكثيرية وعضوا وممثلا للواء الحوطة في مجلس الدولة وعاصر أربعة من سلاطين الدولة الكثيرية هم منصور بن غالب بن محسن ( ت 1347هـ / 1929م ) وتولى السلطنة من سنة 1870م إلى سنة 1929م وعلي بن منصور ( 1298 ــ 1357 هـ ) وتولى السلطنة من سنة 1929م إلى سنة 1938م وجعفر بن منصور ( ت 1949م ) وتولى السلطنة من سنة 1938م إلى سنة 1948م وحسين بن علي ( ت 1976م), الذي أقöيل عن الحكم في الثاني من أكتوبر سنة 1967م . وشاعر كسليمان قادر على قراءة الواقع والتكهن بالنتائج التي ستسفر عنها السياسة التي تنتهجها السلطنتان في ظل بروز حركات التحرر الوطني العربي وانتصار الثورات العربية .

قد يعجبك ايضا