المكتبة الرقمية.. المعلومة «والمعلوم»..!!

عبدالله الصعفاني

مقالة


 -  داهمني الإحساس بالضجر فقررت مغادرة هذا الركام من رذائل السياسيين.
تذكرت دعوة قديمة لزيارة المكتبة الرقمية التابعة للمركز الوطني للمعلومات الذي يرأسه الشاب النبيل عبدالكريم الرويشان..
عبدالله الصعفاني –

مقالة

داهمني الإحساس بالضجر فقررت مغادرة هذا الركام من رذائل السياسيين.
تذكرت دعوة قديمة لزيارة المكتبة الرقمية التابعة للمركز الوطني للمعلومات الذي يرأسه الشاب النبيل عبدالكريم الرويشان..
> قضيت ساعتين في مكان تجتمع فيه أروع النوايا وأجمل الأفكار وأحلى التصورات المستندة على البحث وعلى المعلومة..
> المكتبة نموذج لالتقاء الذوق والنظافة والترتيب.. والعصامية حيث ميزانبتها مجرد «صفر» على الشمال ربما لأننا نعيش زمنا الغلبة فيه للمبندقين حتى لا أقول للمبردقين..
> وسط هيبة المكان المتوقد بالنبض وقشعريرة الإبداع تذكرت كيف أننا بدون ذاكرة.. بدون تحليل.. بدون معلومات وبدون تاريخ حيث التاريخ يكتبه المنتصر ولكل منتصر جوقته.. والويل للباحث عن الحقيقة دونما تعب ودونما إيمان بأن المعلومة علم وليست محض هرطقات مقيل..
> ياااااه ما أكثر حماقتي وأنا أتأخر في تلبية الدعوة للتجول بين حوالي عشرة آلاف بحث علمي من رسائل الماجستير والدكتوراه.. معظمها لا بد أنها تقدم حلولا للكثير من مشاكلنا.
> ولم لا وكل عائق سياسي أو اجتماعي أو اقتصادي وحوله عشرات الأبحاث التي تكفي للاستغناء عن كل هذه التدوات وورش العمل التي لم نطل منها الا على الكثير من استنزاف الأموال والمياه وكأن المشاركين فيها مجرد نزلاء في أقسام استخراج حصوات الكلى.
> من الطب والعلوم الصحية إلى الشريعة والقانون إلى الرياضة والسياحة والاقتصاد والاجتماع وعلوم الحياة..إلخ.
> دراسات علمية تقول للحكومة ومؤسسات المجتمع الرسمية والأهلية «إقرأوا» وادعموا حتى تنفوا أننا بلد يكره المعلومة الصحيحة ولا يطيق توصيات البحث العلمي ويكتفي من الأمر بهرطقات وهرف المقايل.
> كانت المكتبة الرقمية في مكان بائس خجول فانتقلت إلى مكان مبهج بعصاميته الإدارة القائمة عليها.. غير أن المكتبة تشكو الكثير من المعوقات المادية والتشريعية حيث ينص قرار إداري من التعليم العالي والبحث العلمي على أن لا يسمح للزائر الباحث بتصوير أكثر من ثلاثين ورقة حتى أن طالبة يمنية جاءت من الجزائر للبحث في موضوع تخصصها استسلمت للبكاء لأن صاحبة الدراسة اعتمدت على قرار التعليم العالي ورفضت السماح بالتصوير.. فيا أهل التعليم العالي اعتدلوا في هذا الموضوع.. ويكفي أنكم ازكمتم أنوف الطلبة اليمنيين وأرهقتهم مضاجعهم على مستوى العالم.. فهل من سبيل إلى قرار يحرر المعلومة حتى لا يضطر الطالب إلى الاعتكاف في المكتبة ويتحول المكان إلى استنساخ من سوق عكاظ.
> ويا أهل المال والقرار.. يا صخر الوجية وخازن بيت مال المؤمنين اليمنيين.. المكتبة الرقمية التابعة لمكتب رئاسة الجمهورية بلا ميزانية تشغيلية وتجهيزات فنية تتيح لها الارتباط بالجامعات اليمنية ومكتبات العالم فلماذا البخل في الأماكن التي تستدعي الجود ولماذا الكرم تجاه كل ما يكرس قيم الابتزاز والتخلف¿.
> تصوروا.. الشباب والبنات القائمون على المكتبة الرقمية يحلمون بتوفير خمسة عشر مليون ريال لجمع كل الرسائل العلمية القديمة.. والمكتبة تحتاج إلى مائة حاسوب ومائة طاولة ومائة كرسي فهل هذه المتطلبات عصية على مقدرات بلد وخزينته وموارده.. ما لكم كيف تفكرون..¿
> ولقد تصورت وأنا ازور المكتبة الرقمية بصنعاء أنني سأجد لوحة شرف مسجلا فيها أسماء رجال مال مهتمين بتشجيع البحث العلمي ولكن لا شيء أكثر من تمسك القائمين على المكتبة بالشعار الرومانسي القديم «يكفي أن نكون شمعة تحترق لتضيء» بأقل القليل والكثير من المعاناة اليومية الصارخة.
> غادرت المكتبة الرقمية بإحساس أنها لم تعد تعرف بمن تستغيث وأن من بيدهم الدعم غارقين في الجهل بحقيقة أن في البحث العلمي حلولا لمشاكلنا وقواعد لأن نعيش حياتنا وحياة اليمن بالمبادرة وتطوير المعرفة ولكن.. أين من يتمتعون بالحضور ولا يخاصمون «المعلومة» حبا في كسب المزيد من «المعلوم» وإلى متى يصر البعض على نزع كل إطار ذهبي بل ويتفانون في تشويه الصورة.
أعجبني
وأناديك يا صاحبي
ليس دربك هذا
وقتلي لن يفتح الباب
نحو ضياء يحقق حلمك
فأنا لست خصمك
أنت درعي
أنا السهم في قوس حربك
«ممدوح عدران»

قد يعجبك ايضا