دمعة عيد

معين النجري


 - ‬استقبلنا رمضان بدماء مسفوكة وجراح متهتكة وكرامة منتهكة بأيدي‮ ‬إخوة في‮ ‬الدين واللغة والهوية‮ ‬‮ ‬وها نحن نودعه وقد اتسعت بركة الدم وتضاعفت الجراح وأوشكت على فقدان آخر أبراج كرامة اليمني‮.‬
معين النجري –

‮❊ .. ‬استقبلنا رمضان بدماء مسفوكة وجراح متهتكة وكرامة منتهكة بأيدي‮ ‬إخوة في‮ ‬الدين واللغة والهوية‮ ‬‮ ‬وها نحن نودعه وقد اتسعت بركة الدم وتضاعفت الجراح وأوشكت على فقدان آخر أبراج كرامة اليمني‮.‬
كل‮ ‬يوم نزف تعازي‮ ‬جديدة إلى بيوتنا والدم‮ ‬يكاد‮ ‬يقطر من الكلمات والجمل‮.‬
ما الذي‮ ‬اقترفه هذا الشعب ليتجرع كل تلك المآسي‮ ‬‮ ‬فما‮ ‬يكاد‮ ‬يستعيد أنفاسه من هول فاجعة حتى تصابحه أو تماسيه أخرى أشد وأنكأ‮ .‬
أثواب عزاء أبين ما تزال معلقة على جدار القلب الذي‮ ‬فقد قدرته على الابتسامة‮ ‬ومع هذا‮ ‬يحاول أن‮ ‬يقوم بمهامه كما‮ ‬يجب‮ ‬‮ ‬لكن الإرهاب لم‮ ‬يترك له الفرصة لذلك فخنق العيد في‮ ‬مدينة عدن الحبيبة لتغرق اليمن كلها في‮ ‬بحر وجع لا‮ ‬يبدو أنه سيغادرنا قريبا‮.‬
حفلة العزاء التي‮ ‬أقيمت عند أول طعنة إرهاب لم تنته بعد‮ ‬‮ ‬وأخشى أن تستمر فاتحة صالاتها إلى أن‮ ‬يأتي‮ ‬على كل شيء في‮ ‬بلادنا‮ .. ‬إلى أن تصلها الشحنة الأخيرة للحياة في‮ ‬هذه الزاوية المنكوبة بأفعال أبنائها الأشرار‮.‬
عشرات القتلى‮ ‬غادرت أرواحهم مدينة عدن إلى خالقها دون أن تدري‮ ‬سببا لاختصار حياتها بهذه الوحشية وبأيدي‮ ‬أولي‮ ‬القربى لا بأيدي‮ ‬مستعمر ولا‮ ‬غاز‮.‬
وقبلها صعدت مئات الأرواح المصدومة بنهاياتها المفاجئة في‮ ‬صنعاء وأبين وحضرموت والبيضاء وصعدة والجوف ومارب وربما‮ ‬غدا في‮ ‬إب وتعز والمهرة والحديدة لا مكان ولا اسم بمنأى عن‮ ‬يد الإرهاب البشعة التي‮ ‬استعذبت هتك أرواحنا وإرسالها ناقصة عمر إلى حياة أخرى‮.‬
كتبنا قبل ذلك ندين ونستنكر ونشجب ونحذر وندعو دون فائدة ويبدو أننا سنكرر ذلك كثيرا فلا نملك نحن إلا الكلمة نواجه بها أحزمتهم الناسفة وعبواتهم وسياراتهم المفخخة‮ ‬وقبل ذلك فتاواهم المفخخة بأخطر أنواع مواد التفجير‮ ‬مواد قادرة على نسف مجتمعات بأكملها‮ ‬‮ ‬مجتمعات بتاريخها وعاداتها وتقاليدها وحضارتها‮.‬
وسيظل السؤال الصعب قائما‮ ‬إلى متى ستظل مقاومتنا قادرة على أداء مهمتها ضد هذا الإرهاب الأعمى الذي‮ ‬لا أحد‮ ‬يعلم أي‮ ‬رحم احتواه وكيف خرج إلى الدنيا وترعرع وشب ونضج ليقتات أرواحنا الطيبة لتصبح فعلا‮ (‬بلدة طيبة‮).‬
لن نخلع أثواب الحداد من على أكتاف القلب‮ ‬فلسنا متفائلين أبدا بأن جريمة تلفزيون وأمن عدن الحبيبة ستكون الأخيرة مادام وفينا سماعون ومبررون باسم الدين بل ومشرعون لكل هذا القتل العشوائي‮ ‬البشع‮.‬
لكننا سنمارس حياتنا كيفما اتفق حتى نتبع من سبقونا أو‮ ‬يفتح الله بيننا وبين تلك الكائنات المشوهة‮.‬
سنتزود بالمزيد من الصبر‮ .. ‬الصبر فقط‮.‬

قد يعجبك ايضا