خواطر رمضانية
محمد عبدالغني مصطفى
محمد عبدالغني مصطفى –
إن الأمة الإسلامية تعيش هذه الأيام موسما من مواسم الخير العظيمة التي أنعم الله بها على الأمة الإسلامية وشرفها به »يا أيها الذين أمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون« صدق الله العظيم.
وقد فرض الله تعالى الصيام في السنة الثانية من الهجرة في المدينة المنورة لليلتين خلتا من شعبان تصفية للنفوس وقمعا لشهواتها.
فالصيام يربي في الصائم ملكة الصبر وروح الجهاد وقوة الإرادة والوفاء بالعهد ومن ذلك أن يشعر الغني بما يشعر به الفقير من الجوع والحرمان فينمي فيه عاطفة الرحمة ليحنوا على الفقراء والمساكين ويواسيهم بما أمكنه من المساعدة.
فالصيام رياضة للنفس وتصفية للقلب من الكدر وإعدادا للتقوى التي هي المقصد الأسمى ولذا قال تعالى »لعلكم تتقون«.
ولقد كان سلفنا الكرام يقدرونه حق قدره وكان من دعائهم : »اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان« وإذا أقبل رمضان ناد مناد »يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر«.
وقد خص الله تعالى هذا الموسم »موسم الصيام« بخصائص عديدة تدل على فضله وشرفه من تلك الفضائل أن الله تعالى أفرده بالشرف العظيم حين ذكره باسمه دون سائر الشهور ناهيك عن أن القرآن الكريم أنزل فيه »شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان« صدق الله العظيم إلى غير ذلك من الفضائل التي يطول المقام عن حصرها واستقصائها وقبل أن نختم الكلام ينبغي أن نقف هنا وقفة سائل ومجيب كنا في العام الماضي في مثل هذه الأيام نرقب شهر الصيام ونتحراه ثم ماذا ¿ عام كامل بأيامه ولياليه قد قوض خيامه وطوي بساطه وشد رحاله بما قدمنا فيه من خير أو شر وصدق ومن أصدق من الله قيلا ومن أصدق من الله حديثا هل تعلم له سميا »وتلك الأيام نداولها بين الناس«.
وهذه الأيام تتوالى علينا وكل يغدو فمعتق نفسها أو موبقها.
وقيل لمحمد بن واسع كيف أصبحت¿ قال: ما ظنك برجل يرتحل كل يوم مرحلة إلى الآخرة وقال الحسن »يا أبن آدم إنما أنت أيام كلما مضى منك يوم مضى بعضك.
إنا لنفرح بالأيام نقطعها
وكل يوم مضى يدني من الأجل
فاعمل لنفسك قبل الموت مجتهدا
فإنما الربح والخسران في العمل
إن معشار الثانية من أعمارنا لن تعود ولو أنفقنا ما بين أيدينا وما خلفنا فلم التفريط¿ ولم التسويف في أعمال الخير¿ فلنحمد الله الذي بلغنا شهر رمضان وليشد بعضنا عضد بعض فمن كان منا مقصرا تعاهدناه بالنصح ومن كان منا محافظا زدناه ثباتا بعد تثبيت الله له وبما أننا في مطلع شهر جديد فليرقب كل منا نفسه خاصة وليطوي صفحة ماضية إن كانت خيرا ازداد من الخير وإن كانت غير ذلك بدلها إلى أحسن منها.
»وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب«
إذا المرء لم يلبس ثيابا من التقى
تقلب عريانا وإن كان كاسيا
ووقفة أخرى أيضا: كان معنا في شهر الصيام الماضي أناس شاركونا في الصيام والقيام ثم ماذا كان شأنهم منهم من فارق هذه الحياة وهو الآن تحت أطباق الثرى ومنهم من يرقد الآن على فراش المرض لا يستطيع صياما ولا قياما R