أين العقل
سهير السمان
سهير السمان –
متى يتفعل دور المفكرين والفلاسفة في أمتنا¿ ونحن ما زلنا نصر على العودة إلى الوراء! إلى قرون من عهود التخلف والانحطاط ها هي ثوراتنا تفرز أولئك المتخلفين عن الرؤية القويمة للتقدم وعصر الفضاء وما زالوا يتشدقون بتلك العبارات التي تؤجج عواطف الجمهور وهم على علم بأن أغلب الجمهور يسمع فقط دون أن يفكر أولئك الذين يدعون على خلافة سادسة ظانين أننا سنحرز انتصارات ضد العدو المتربص بنا وعالمنا لا يدرك أن فوزهم بحكم المجتمعات على مرأى ومسمع من الدول الكبرى المسيطرة علينا من جميع النواحي هو إنما خطط مدروسة وممنهجة من قبلهم وهم على يقين أن هؤلاء من سيعيدونا إلى عصور الجاهلية أنى لنا النصر ونحن طوائف ومذاهب وفرق تدعي كل منها حق الحكم وإقامة شريعة الله في الأرض¿ كيف وهم يدعون إلى الانغلاق والانحصار داخل تأويله وإخضاعه للتجديد بحيث يلاءم العصور المتغيرة ويصدق على كتابنا المقدس بأنه معجز ويخدم بني البشر¿
متى يفهم الناس والعامة أن الحرية هي أساس التقدم والرقي¿ في ظني أن غياب الوعي والمعرفة بين أغلب الناس هو من يفسح المجال للمستبدين والفاسدين للسيطرة على مفاصل الحكم فالناس جبلوا على حب الراحة وعدم تحمل عناء البحث عن الأصلح يكفي من يخوفهم من النار ويرغبهم بالجنة وتدور الدائرة ويعود الاستبداد باسم الدين وإقامة الشرائع.
لقد استطاعوا أن يزيلوا العقل من حياتنا حتى في أدق تفاصيلها ما زلنا نحتاج إلى تبرير شرعي منهم وكأننا لا نملك من التفكير سوى كيف نصلي ونصوم!
أين هو العقل الذي كرمنا به الله وأين أولئك المفكرون العرب الذين شهدت لهم الساحة بعبقريتهم في التنظير للنهوض بالأمة أين هم من مناهجنا الجامعية وأين هم من الحكم وفي تسيير دفة القيادة¿ أين من يدعون إلى إعمال العقل في مختلف أمور حياتنا وتجاوز مرحلة التفكير الخرافي والتمسك بمنهج التفكير العلمي.
قد يكون هناك من قرأ للدكتور فؤاد زكريا ذلك الفيلسوف والمفكر المصري الذي ألف العديد من الكتب من ضمنها كتابة التفكير العلمي ويعرف الدكتور التفكير العلمي هو ذلك النوع من التفكير المنظم الذي يمكن أن نستخدمه في شئون حياتنا اليومية أو في النشاط الذي نبذله حين نمارس أعمالنا المهنية المعتادة أو في علاقتنا مع الناس ومع المحيط بنا كان المفكر يؤمن بحقه في التفكير العقلي المستقل مستندا على المنهج الديكارتي الذي يقول لا أقبل شيئا على أنه حق ما لم يتبين لعقلي أنه كذلك.
فكان يرى أن العقل الذي لا ينقض عقل عاطل وفي الواقع أن هذا المنطق هو أساس البحث العلمي الجاد.
العقل يعني احترام الشخصية الإنسانية فلا يوجد تمييز بين إنسان وآخر من أي جهة كانت لا للون أو جنس أو دين فكيف بنا ونحن يراد بنا التقهقر والتخلف باسم الدين والطائفية والمذهبية هل هم من يملكون الحقيقة المطلقة أن من يدعيها هو الذي يعيد التعصب البغيض يفضل التخلف والجمود والانغلاق ويتناسى المبدأ الأول الذي جاءت به جميع الرسالات السماوية وهو المساواة والحرية والإعلاء من قيمة العقل سواء أختم به مقالي هذا وهو لماذا خلق الله لنا العقل ما دام أن الله قد شرع للإنسان ما يعنيه عن الاجتهاد والبحث والتفكر في كل طارئ في حياته¿ أليس الإنسان متغير مع كل زمان ومكان والدين وحد لخدمة الإنسان وليس العكس.