ملائكة على الأرض

صالح الريمي

 - كثيرا ما أقف على شط البحر الهادئ‮ ‬أهمس بصمت مؤلم في‮ ‬لحظة‮ ‬غروب‮.‬
أشكو حالنا بكل عفوية‮ .. ‬برغم أجهزة الاتصال والتواصل ومواقع التواصل الاجتماعي‮ .. ‬
صالح الريمي –
كثيرا ما أقف على شط البحر الهادئ‮ ‬أهمس بصمت مؤلم في‮ ‬لحظة‮ ‬غروب‮.‬
أشكو حالنا بكل عفوية‮ .. ‬برغم أجهزة الاتصال والتواصل ومواقع التواصل الاجتماعي‮ .. ‬أشكو‮ ‬غياب ذكريات قد عشتها وما عاد لحاضري‮ ‬شيء منها‮ ‬انعدم وجود الإنسان فيها‮ ‬وذهبت أصالة الأخوة وحقيقتها‮ ‬وغابت حلاوة مجالسنا‮ ‬والأنس من جلس فيها‮..‬
لا أدري‮ ‬هل نحن السبب أم أن الدنيا تغيرت وتغلغلت في‮ ‬نفوسنا‮ ‬وفرخت في‮ ‬ضمائرنا الغل والحقد والحسد وحب الأنا‮ ‬حتى باتت أحاسيسنا جامدة ومشاعرنا أصبحت من حجر‮ ‬لا أحاسيس ولا ذوق ولا مستقبل جميل‮ ‬حتى بات‮ ‬يخيل لي‮ ‬أننا خلقنا من أسمنت‮..‬
بالأمس جاءني‮ ‬إحباط شديد من تصرفات بعض أصدقائي‮ ‬السلبي‮ ‬تجاه بعضهم البعض في‮ ‬الملمات والمحن‮ .. ‬فشكوت الحال إلى نفسي‮ ‬مغمضا‮ ‬عيني‮ ‬مقلبا‮ ‬صفحات حياتي‮ ‬مسترجعا‮ ‬أياما‮ ‬جميلة كنت أعيشها أيام زمان‮..‬
ذهبت إلى عام‮ ‬1400‮ ‬هجرية الموافق‮ ‬1979‮ ‬ميلادي‮ ‬كنت صغيرا‮ ‬جدا لكن كنت أعي‮ ‬بإحساسي‮ ‬وبوجداني‮ ‬كإنسان‮ ‬ما كان‮ ‬يحصل من مواقف إيجابية وسلوكيات أخلاقية‮ ‬حيث كنت أسكن‮ «‬حي‮ ‬السبيل‮» ‬أحد أقدم أحياء جدة الشهيرة‮..‬
كان الناس ملائكة‮ ‬يمشون على الأرض‮..!!‬‮ ‬بالرغم أنهم لم‮ ‬يكونوا متعلمين بالقدر الكافي‮ ‬ومع ذلك كان الأمن‮ ‬يسود حياتهم‮ ‬والظلم لا ما كان له في‮ ‬حيهم‮ ‬قلوبهم بيضاء‮ ‬ونفوسهم طيبة‮ ‬أخلاقهم رائعة‮ ‬وتعاملهم راق‮ ‬وحياتهم بسيطة مجالسهم لا تمل من حديثهم‮ ‬الجار‮ ‬يعرف أدق تفاصيل جاره‮ ‬الكرم أفضل سماتهم‮ ‬‮ ‬والتعاون من أجلها‮ ‬والسلام منتشر بينهم‮ ‬والابتسامة لا تفارق محياهم‮ ‬لا تفرق بين الغني‮ ‬والفقير‮ ‬تجدهم‮ ‬يجتمعون لأي‮ ‬أمر طارئ حصل في‮ ‬الحي‮ ‬يتواصلون في‮ ‬ما بينهم بين حين وآخر‮ ‬كان الواحد منهم لا‮ ‬ينام حتى‮ ‬يحل مشكلة جاره‮ ‬مناسباتهم واحدة‮ ‬في‮ ‬السراء والضراء تجد أمامك جارك باذلا‮ ‬وقته وماله ونفسه‮ ‬وفي‮ ‬أية مشكلة حلت بك لا‮ ‬يتنصلون منك بل‮ ‬يقفون معك وقفة رجل واحد‮..‬
كان جارنا عن اليمين سعوديا‮ ‬وفي‮ ‬اليسار جارنا‮ ‬يمنيا‮ ‬وأمام منزلنا‮ ‬يسكن جارنا المصري‮ ‬ووراء منزلنا‮ ‬يسكن جارنا الاندنيسي‮ ‬وفي‮ ‬أول الشارع منزل جارنا الشامي‮ ‬وفي‮ ‬الشارع المقابل جارنا الهوساوي‮ ‬وصاحب المطعم جارنا البخاري‮ ‬هكذا كنا نعيش لا تفرقنا جنسية‮ ‬ولا‮ ‬يميزنا‮ ‬لون‮..‬
كنا نعيش مع بعضنا كالجسد الواحد‮ ‬نأكل ونشرب في‮ ‬بيوت بعضنا ونعرف أسرار بعضنا‮ .. ‬آه وآه وآه‮ .. ‬كما قالت لي‮ ‬جدتي‮ ‬ما أجمل أيام زمان وأنا أقول كما كتبت في‮ ‬مقال‮ ‬سابق الله‮ ‬يرحم أيام زمان‮..‬
هذا نموذج أظن من لم‮ ‬يعش في&#

قد يعجبك ايضا