عبود المستقبل

عبدالخالق النقيب

مقال 


عبدالخالق النقيب –

مقال 

‬عبور المستقبل الذي‮ ‬نتغنى به ونعزف من أجله أجمل السيمفونيات‮ ‬يتطلب رؤوسا مرفوعة الهامة ويستدعي‮ ‬عقولا‮ ‬كبيرة تترفع عن الصغائر وتسمو فوق كل الدونيات‮ ‬المستقبل الذي‮ ‬نلهث خلفه ونمني‮ ‬أحلامنا بمواعيده المؤجلة لن‮ ‬يتأتى بالنظر إلى الوراء وبالتقليب في‮ ‬دفاتر الأيام لننتقي‮ ‬من ماضيها ما‮ ‬يدفع لتوطين الفوضى وتكريس الاخفاقات وتكرار مشاهد العدمية والتخلف‮ ‬المستقبل لا‮ ‬يحتاج بالضرورة أن نغربل محيط الذكريات ونبريها حتى نبقي‮ ‬على تقيحاتها فقط‮ ‬فنذر منها ما نذر ونتشبث بما‮ ‬ينكأ الجراح ويذكي‮ ‬لهيب الأوجاع‮.‬
‮> ‬بإمكاننا أن نتشاطر الأوجاع ونتقاسم الهموم لنتجاوزها ونعبر المستقبل دون اللجوء إلى انفعالاتنا المشوهة والمضطربة‮ ‬فسحة تطبيبها ومداواتها وتصويب مسارها متاحة ومتوفرة‮ ‬لنا أن نتعلم من الماضي‮ ‬نستزيد من دروسه‮ ‬الالتباس والأباطيل متداخلة ومعقدة‮ ‬إن لم ندرك المشاريع العارضة ونبقى في‮ ‬مأمن عن مستثمروي‮ ‬الأزمات والاختناقات سنظل عالقين بقبيح الماضي‮ ‬دون الانتهاء لمخرج نتفق عليه أو‮ ‬يمكن التسليم به‮.‬
‮> ‬المستقبل بحاجة لمعالجة قضايانا العالقة بالماضي‮ ‬خير لنا من المراوحة وتعميق الهوة الزمنية بمزيد من التباطؤ والانحسار‮ ‬إما أن نمضي‮ ‬قدما‮ ‬وإما أن نبقى في‮ ‬الماضي‮ ‬ونصبح جزءا‮ ‬منه‮ ‬وندع المستقبل لمن لا فائض لديه من الوقت لينفقه في‮ ‬المهاترات والمهازل والعبث‮ ‬غير المبرر‮.‬
‮> ‬عبور المستقبل لا‮ ‬يقوي‮ ‬على حمل كل ما نرمي‮ ‬به من أثقال وأوزار متراكمة‮ ‬ينوء عنها‮ ‬وليس بالضرورة أن نلصق به أخطاء الساسة ونزوات الطامحين وأهواءهم‮ ‬ولا طاقة له بسنذاجتنا ونحن نفضل البروك على أطلال الماضي‮ ‬والتباكي‮ ‬على ما علق به من مآثم وتشوهات والإبقاء عليها‮.‬
‮> ‬حاجتنا لمستقبل خال من التشوهات والضوضاء المفتعلة‮ ‬يستلزم الخلاص من أدران الماضي‮ ‬والتوقف عن التصفيق والتمجيد‮ ‬تضخيم الماضي‮ ‬والنفخ في‮ ‬أمرائه وأطراف النزاع فيه سيد طريق المستقبل وسيضع أمامنا كما هائلا‮ ‬من العوائق والعثرات التي‮ ‬بإمكانها أن تحول بيننا وبين عبور المستقبل‮.‬

قد يعجبك ايضا