الواقع والأسطورة «28»
أحمد يحيى الديلمي
أحمد يحيى الديلمي –
وباء الطاعون في صنعاء
من الأمثلة الشائعة التي يتداولها الناس بشكل المثل الدارج على الألسنة الذي يقول (مصائب قوم عند قوم فوائد).
هذا المثل ينطبق على الواقعة التي نحن بصدد الحديث عنها.. إذ تقول الروايات أن صنعاء تعرضت في العام الهجري 933 لوباء الطاعون (الكوليرا) في المصطلحات الطبية الحديثة قوة الوباء فتكت بأسر كبيرة في صنعاء وامتد الوباء إلى أجزاء كثيرة من اليمن كان إذا تعلق بفرد من أفراد الأسرة يبيد الأسرة عن بكرة أبيها لا يبقي منها أحدا يفتك بالرجال والنساء والأطفال من هذه الخلفية يتضح سبب الاستشهاد بالمثل السابق نظرا للفائدة الكبيرة التي تحققت لمساجد صنعاء فقد اعتبر القاضي محمد أحمد الحجري الزمن الذي حدث فيه الوباء تاريخ فاصل بين الإهمال ونقص المرافق الذي كانت عليه مساجد صنعاء وبين النقلة النوعية التي ارتقت بوضعيتها فتحولت إلى مراكز للتنوير إلى جانب كونها مواضع للعبادة كما غدت مصادر لتزويد الناس في حارات صنعاء بالمياه التي يحتاجون إليها بالذات أصحاب البيوت التي لا يوجد بها آبار فالمعروف أن معظم منازل صنعاء كان فيها آبار ملتصقة بالمنزل وأهل المنازل يغترفون منها ما يحتاجون إليه من المياه إلى جانب وجود الرحى الذي يسمى (المطحن) في صنعاء والخاص بطحن الحبوب أي أن كل منزل يحتوي على أهم احتياجات الإنسان الأساسية ممثلة في الماء والطعام هذه الفقرة وإن كانت اعتراضية إلا أن الإشارة إليها كانت ضرورية بما لها من علاقة مباشرة بالموضوع الذي نحن بصدد الحديث عنه..
إذ تقول الروايات أن الأسر التي أغلقت أبواب منازلها ولم يغادرها أحد أفرادها نجت من الوباء ذكر ذلك القاضي الواسعي عندما تحدث عن الأزمنة التي بدت فيها مساجد صنعاء خالية من المصلين فأشار إلى زمن الابتلاء بوباء الطاعون واحتباس الناس في منازلهم تجنبا من الوقوع في براثن الوباء الخطير نعود إلى سياق الموضوع كما أورده العلامة المرحوم محمد أحمد الحجري في مقدمة كتابه: (مساجد صنعاء عامرها وموفيها) حيث قال:
(ما عدا الجامع الكبير المقدس كانت بقية المساجد مهملة إذ كانت صغيرة وكثيرة ومتقاربة وخالية من المطاهير والبرك والبور (الآبار) إلا ما ندر منها وكان الناس في تلك الأيام يتطهرون في بيوتهم ويحضرون لأداء الصلاة المكتوبة في المساجد ولما وقع الطاعون بصنعاء في سنة 933هـ أيام دولة الإمام المتوكل على الله شرف الدين يحيى بن شمس الدين ابن الإمام المهدي عليه السلام وجد على أثر الطاعون أموالا متروكة لا وارث لها وأشار الإمام شرف الدين رحمه الله بأن تكون في مصالح مساجد صنعاء) وقد استند الإمام إلى قاعدة فقهية تعتبر الدولة وريث من لا وارث له استنادا إلى حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
(من مات ولا وارث له فلي وعلي) ولعل الإمام شرف الدين انطلق من الحديث إلا أنه أصاب في اختصاص مساجد صنعاء بهذه الأموال الجمل ولو تمالى أهل صنعاء.
من الحوادث التي ذكرها المؤرخون وغدت متداولة على ألسنة الناس قصة الوالي يعلى ودوره في الكشف عن الجرائم ا