مصير الجنوب يقرره كل اليمنيين وليس الجنوبيين وحدهم
عبدالناصر المودع
عبدالناصر المودع –
سيبدو هذا العنوان مستفزا لبعض الجنوبيين وتحديدا المؤيدين لفكرة انفصال الجنوب عن الجمهورية اليمنية غير أن المناقشة المتأنية لمضمونه ستوضح أنه يحمل الكثير من الوجاهة التي يمكن إيضاحها في ما يلي:
وفق القانون الدولي أصبح سكان الجنوب بعد قيام الوحدة الاندماجية في 22 مايو 1990 جزءا من سكان الجمهورية اليمنية. ووفق هذا القانون فإنه لا يحق لأي جماعة سكانية أن تقرر مصير أي جزء من الدولة لوحدها لأن تقرير مصير هذا الجزء هو تقرير لمصير الدولة كلها وعليه فليس من حق الجزء تقرير مصير الكل. وبما أن الأمر كذلك فليس من حق الجنوبيين تعديل الوضع القانوني للمحافظات الجنوبية عبر فصلها عن الجمهورية اليمنية بأية صيغة كانت (إعادة الدولة السابقة أو الفدرالية) فعمل من هذا القبيل هو تغيير في وضع الجمهورية اليمنية ككل.
سيرد البعض على ما ذكرت بأن الوحدة الاندماجية لم يتم استفتاء شعب الجنوب عليها قبل إعلانها وأن قرار الوحدة تم اتخاذه من قبل السلطة الحاكمة في الجنوب آنذاك وهي سلطة لم تكن لها شرعية سياسية كاملة كونها لم تأت عبر انتخابات ديمقراطية حقيقية. وعليه فإن من حق سكان الجنوب أن يقولوا كلمتهم في الوحدة الآن أو في المستقبل. وعلى الرغم مما يحمله هذا القول من وجاهة سياسية وأخلاقية إلا انه لا يملك أي قيمة قانونية أو عملية. فالقول إن قرار الوحدة تم دون استفتاء الجنوبيين قبل الوحدة هو قول صحيح إلا أن هذا القرار ينطبق عليه ما ينطبق على القرارات المصيرية التي اتخذت في اليمن خلال أكثر من 50 عاما. فسكان السلطنات التي دخلت في اتحاد الجنوب العربي لم يتم استفتاؤهم على ذلك الاتحاد وتم اتخاذ القرار من قبل السلاطين والذين لم يكونوا منتخبين ديمقراطيا كما أن إعلان الجمهورية في الشمال عام 1962 لم يتم باستفتاء الشعب الشمالي وتم من قبل عدد محدود من الأشخاص. وينطبق نفس الأمر على ثورة 14 أكتوبر في الجنوب كما أن ضم حضرموت للدولة الجنوبية وإلغاء اتحاد الجنوب العربي عبر إلغاء السلطنات ودمجها بالقوة وتأسيس جمهورية اليمن الديمقراطية كل تلك القرارات المصيرية تمت من قبل قيادة الجبهة القومية ودون استفتاء سكان حضرموت واتحاد الجنوب العربي. وكل ذلك يعني بأن قرار الوحدة الاندماجية قد تم وفق ذلك السياق وهو سياق طبيعي في المجتمعات الشبيهة باليمن حيث تـتخذ القرارات المصيرية من قبل السلطات الحاكمة أو بعض قواها السياسية دون استفتاء شعبي.
بالإضافة إلى ذلك فإن الاستفتاء كان يمكن تمريره من قبل حكام الجنوب السابقين بكل سهولة عشية الوحدة فقضية الوحدة في الجنوب والشمال لم يكن لها معارضون على الأقل بشكل علني فمن حيث المبدأ كانت جميع القوى السياسية الجنوبية مؤيدة للوحدة. والدليل على ذلك أن جميع القوى السياسية الجنوبية المعارضة لم تعارض