العقدة في رواية (ابن االنسر) للروائي سمير عبد الفتاح

عائشة عبد الله المزيجي

عائشة عبد الله المزيجي –
القصة هي القصة سواء كانت تقليدية أوقصة حديثة ما دامت حاملة نسج الشخصية ونفح الحدث وألوان المكان وخواص الزمان . والقاص يبحث عن أسس أثناء حبكه للقصة ليدرك في أي مرحلة وأي خطوة هو فيها فكانت خطوات تكوين القصة : البداية , العقدة , النهاية أو ما يسمى الحل وحالة التنوير , وكثيرا ما رأى النقاد هذه الثلاثة الأجزاء واضحة المعالم على كتابة القصة التقليدية .
ولأخذ القصة الحديثة بعض سمات الشعر مثل سعة الخيال وتكثيف المعنى والاتجاه نحو الرمز والإيحاءات . لا يلمح خط البداية ومن بين تداخل أزمنة السرد تجمع خيوط العقدة , وغالبا لا يصل القارئ إلى حالة التنوير مباشرة تاركا السارد رحلة البحث على المتلقي , وربما كان السبب إلى جانب السابق خروج عناصر القصة : الشخصية , المكان ’ الزمان , الحدث عن وظائفها التقليدية النمطية وتبادل هذه العناصر أدوارها , وعلى الرغم من ذلك لا تخرج القصة عن دائرة كونها حدث والتفاف عدة نقاط حول الحدث مكونة العقدة .
وفي رواية سمير عبد الفتاح , ومن بين تداخل أساليب السرد من سرد وحوار ووصف وتكسر الزمن تجلت العقدة بنمط غير متعارف عليه . فلم تتجل العقدة مع سرد أحداث متتالية مباشرة للشخصيات وبزمن سردي واحد سواء كان ماض أو حاضر أو مستقبل , كما لم تكن العقدة مستنتجة من حوار الشخصيات أثناء سرد أحداث في حاضر زمن السرد .
صفحات الرواية من 7 : 55 وأحداثها المنتظمة المتسلسلة وهي حدث شراء النسرمن قبل الشخصية الرئيسة (أمين) , ثم حدث التقائه بأهله في القرية لم يكن الحدثان هما البداية , وإنما كانت عرضا لشخصية أمين شخصية الرواية وهي في بؤرة العقدة وقد ارتبطت بالنسر وقد كانت جملة العقدة واضحة مرسومة في التالي :
1ـ المذكرات المختلفة التجارب والمتعددة لشخصية الرواية مع شخصيات أخرى 2ـ تقنيةالأحلام 3ـ إيحاء الألفاظ .
تأمل التقنية الأولى : الإشارة إلى المذكرات على لسان السارد ووجهة النظر فيها على لسان (الشخصية الرئيسة) أمين

التقنية الأولى : مذكرات .
( ذكرياته القديمة بدأت في الاشتغال في ذهنه مع إفراغه لمحتويات الصندوق الخشبي ) ص56 على لسان الراوي
(المرء يكون أكثر براءة وسذاجة في البداية وأيضا عندما يشعر أنه يرتفع للأعلى ) ص58
مما يدل على أن العقدة وجدت من الصفحات الأولى للرواية عند شراء الشخصية الرئيسة النسر, وأكد ذلك ذكر الشخصية الرئيسة للمكان العالي رمزا في صوتها السابق , وكذا قولها ( عدة دفاتر تحمل سنوات عمري) ص56 ’ وفي الحوارالذاتي للشخصية ما يدل على ملء ماضي الشخصية بالكثير من الأحداث والعقد .
وتأمل المفكرات الممتلئة بعقد الشخصية ومكنوناتها تأمل :
1ـ ( كان النهار طويلا اليوم أطول من أي يوم آخر , أربع محاضرات مملة )ص58
2ـ ( لم يوضح لي إبراهيم أي خيار يقصد هل هو انتخابات اتحاد الطلاب او العمل مع والده )ص60
3ـ ( عندما كتبت هذه الورقة كنت أعتقد أنني وصلت للرؤية بالمنظور الكامل …. لكن الآن ظهرت فجوة أخرى) ص56
4ـ قال المشرف أيضا ( إن تطبيقي لطريقة التقمص ممتاز بدرجة مخيفة وهذا ما سيؤثر على قراراتي عند الأخذ بهذه الطريقة وأن المحاكاة الزائدة تؤدي غلى نتائج غير جيدة ) ص64
5ـ ( المشكلة المفتوحة في هذا التدريب علينا تخيل شكل المشكلة شكل بسيط ثم تقوم بتعقيد المشكلة إلى أقصى درجة ممكنة ) ص67
وجملة فقد عكست الحوارات السابقة في مذكرات الشخصية قلق الشخصية في كل الحوارات والأحداث التي خلفها .
كما أشارت الشخصية إلى كون العقدة في ماضيها تأمل ( ذاكرة الأيام الماضية تملأ كل خلايا تفكيري ’ أنا محصور داخل الذاكرة كلما حاولت التركيز في ما سأفعله في الأيام المقبلة تغمرني ذكريات الماضي يغمرني تماما ) ص74
وعلى لسان السارد ماضي الشخصية الرئيسة ( تذكره نجلاء دفعه لتناول دفتر محاضرات كبير بلون أسود , احتفظ به منذ سنوات دراسته الجامعية )ص77
( أغمض عينيه وهو يحاول ترتيب ما حدث له في المدينة الكبيرة بداية بوصوله للمدينة قبل خمسة عشر عاما ) ص80

أما التقنية الثانية التي عكست عقدت الشخصية فهي الحلم ص83 ’ 84 , 85 حلمان منعا وحالا بين الشخصية وبين نجلاء , مع وجود مفردات في الحلم تشير إلى عتمة الحدث مثل : الجدار الأسود , الهاوية , الشبح , القفص , النسر والإيحاء بالسقوط ,
التقنية الثالثة إيحاء الألفاظ التي عكست عقدة الشخصية في كل سطر سردي ذكر فيه لفظة النسر أو المكان العالي أو الجبل أو الهاوية وألفاظ أخرى توحي بالمدلول نفسه , ما يدل على أن الرواية كاملة جندها الكاتب لعرض مرحلة العقدة .
أما النهاية فلا توجد نهاية نمطية معروضة مصرح بها من قبل تتالي الأحداث أو تصريح السارد في متن الرواية أو على لسان

قد يعجبك ايضا