الإخــوان علـــى عــــــرش مصــــــر!!

أحمد يحيى الديلمي


أحمد يحيى الديلمي –
هناك لحظات تاريخية فارقة في حياة الناس والأمم والشعوب يتحول فيها البشر إلى مشجعين على مدرجات الواقع والمعنيين بالأمر في موضع فريقي كرة يتقاذفون بالشعارات ويتبادلون الاتهامات كل طرف يسعى إلى غايته ويحاول الإمساك بتلابيب ما يبغي الوصول إليه كما يصنع فريقا الكرة في الميدان والمشجعون في حالة استنفار .. الأعصاب مشدودة وحالة الشد والجذب مع الطرف الآخر على أشدها.. كل طرف لا يتردد عن استخدام أي سلاح للنيل من الآخر مهما كانت قسوته أو بلغت بشاعته.
من مميزات هذه اللحظات أنها تخرج النويا المبيتة تنتزعها من ثنايا الصدور وتعريها في العلن على رؤوس الأشهاد هذا هو التوصيف الطبيعي لما حدث في مصر أثناء ترقب إعلان نتيجة الإعادة لانتخابات الرئاسة المصرية الإشكالية أن ثقافة الخوف وعدم الثقة بالنفس وسعت دائرة الشكوك والأوهام وحالات الارتياب جعلت شظاياها: تتطاير إلى كل اتجاه وتؤكد على أمرين.
1- أن فكرة القبول بالخيار الديمقراطي من الأشياء المحفوفة بالمخاطر.
2- أن مبدأ تخوين الآخرين والانتقاص منهم من الحالات المرضية المزمنة تضع علامة استفهام على كل ما يجري وتهدد مستقبل الديمقراطية في الوطن العربي نتيجة التمسك بالأنا المفرطة ورغبة حب السيطرة.
لماذا الإخوان
الحقيقة أن الرئىس الحالي لمصر الدكتور محمد مرسي لم يكن خيار جماعة الإخوان المسلمين من أول وهلة وإنما حشد اسمه في آخر لحظة.
الجماعة أعلنت أكثر من مرة أنها لن ترشح أحدا لرئاسة الجمهورية باسم حزب العدالة والحرية الواجهة السياسية للجماعة واكتفت بدعم المرشح المستقل المنشق عن الجماعة أبو الفتوح عمارة ثم دفعت بخيرت الشاطر مخالفة لإعلاناتها السابقة وعندما رفض الأخير كان مرسي آخر الخيارات وعندما نعود إلى نسبة المشاركة في انتخابات الإعادة التي لم تتجاوز 27% نكتشف أنه لم يكن الخيار المفضل لدى كل المصريين إلا أن من شاركو اعتبروه أهون الشرين لأن المنافس محسوب على النظام السابق وذاكرة المصريين مثقلة بمشاهد بشعة لتصرفات أزلام النظام السابق من اعضاء الحزب الوطني الحاكم ممن كانت لهم امتيازات وصلاحيات تحولوا معها إلى مخبرين وجواسيس يلتقطون هفوات الآخرين ويفرضون حضورهم القسري في كل صغيرة وكبيرة وهذا للأسف هو حال كل حزب يصل إلى سدة الحكم في الوطن العربي.. هذه الحقائق إضافة إلى حركة الشارع المصري بالذات شباب الثورة الذين خافوا من عودة فلول النظام السابق تؤكد أن تحالف شباب وقوى ثورة 25 فبراير هو الذي دعم مرسي وأوصله إلى سدة الحكم وليس الإخوان وحدهم.
هذا لا يعني التقليل من أهمية الجماعة الواقع يؤكدون أنهم يمتلكون أكبر قاعدة شعبية في مصر لأن ظروف الرفض التي قوبلت الجماعة من الأنظمة السابقة وعدم السماح لها بتشكيل حزب سياسي خدم الجماعة ومكنها من تعزيز وفرض قوة حضورها في الواقع الاجتماعي وهناك عوامل أخرى هامة أهمها:
دغدغة مشاعر الناس بالتمترس خلف فكرة الدفاع عن الإسلام وإحياء معالمه التي اندثرت.
تبني الجماعة لمنهج الاعتدال في مرحلة خروجها الثاني إلى العلن تخلت عن أفكار المرحوم سيد قطب التي كانت توحي أن المجتمع يعيش في براثن جاهلية أبشع من الجاهلية الأولى التي كانت سائدة قبل الإسلام..
حالة الاتزان في الخطاب التعبوي سمح للجماعة بالتوسع وزاد من قاعدة التعاطف معها.
وكان هذا التعاطف واضحا في الانتخابات البرلمانية التي جرت في زمن مبارك.
رغم حالات التكالب ومحاولات الابعاد التي كان يفرضها النظام إلا أن الجماعة حققت تقدما ملحوظا في الحصول على المقاعد مع ذلك فإن أي متابع للشأن المصري يستطيع أن يقيس قاعدة وقوة حضور الجماعة ومعها حزب النور السلفي والانصار من الدورة الأولى للانتخابات الرئاسية فلو أن قوة الحضور كانت بحجم توقعات البعض لكانت قد تمكنت من الحسم في دورة الانتخابات الأولى وهذا هو المعيار الحقيقي لقوة الحضور وهو ما يؤكد الدور الكبير الذي اضطلعت به تحالفات قوى الثورة خاصة أن الساحة خالية من قوة سياسية منافسة أو حزب يبلع مستوى حضوره إلى مستوى حضور الجماعة.
هذه النقطة تضعنا أمام إشكالية أخرى تتعلق بأسباب ضعف حضور القوى السياسية الأخرى في الشارع المصري وهي حالة مكرورة في معظم الدول العربية الأحزاب اليسارية والقومية والعلمانية خرجت إلى العلن برغبة حكومية وقرار رئاسي مما جعلها تولد شبه مبيتة في نظر المواطن العادي وهو ما فرض عليها في إطار مقر الحزب وإن امتد نشاطها إلى مواقع ومحافظات أخرى فإن ذلك يعود إلى مكانة بعض القياديين المنتمين إلى الحزب ولا علاقة له بالبرامج السياسية والأعمال الميدانية للحزب في ذات الوقت لم تخرج نظرة الأنظمة إليها عن اعتبارها مكونات هلامية ديكورية تجمل الوجه الخارجي للنظام وحاولت الأنظمة أن تروج لهذه الفكرة وتويدها بمواقف وممارسا

قد يعجبك ايضا