تاريخ فريضة الصوم

إسكندر المريسي

إسكندر المريسي –
قال تعالى في محكم كتابه الكريم «يا أيها الذين ءامنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ٭ أياما معدودات فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر٭ وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيرا فهو خير له وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون» الآيتين 182-184 البقرة.
في هذه الآيات القرآنية نقرأ الخطاب موجها بصيغة الجمع «يا أيها الذين ءامنوا» حيث شمل ذلك الخطاب كل المؤمنين بتوحيد الخالق سبحانه وتعالى وذلك من الديانات السابقة بأنه كتب على المسلمين الصيام كما سبق وأن كتب على أهل الكتاب أو ما يعرف بالأمم السابقة من قبل مجيئ بعثة سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقرنت تلك الآية غاية الصوم والهدف منه ترجي بمعنى «لعلكم» أي عساكم تتقون. لأن التقوى درجة عالية لا ينالها إلا أولئك المومنون حقا برسالة التوحيد..
خاصة وقوم قريش لم يختلفوا من رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم على الربوبية لأنهم كانوا يؤمنون بوجود الرب الذي يسير الكون وكانوا يعبدون الأصنام اعتقادا منهم بأنها تقربهم إلى الله زلفى لذلك اختلفوا مع الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام في التوحيد توحيد الخالق بالأرض شرطا أساسيا للتخلي عن عبودية تلك الأصنام لهذا كان التوسل في «لعلكم تتقون» لأن الصيام فرض تدريجيا فكانت تلك الآية المشار إليها ترغيبا وتمهيدا لشرع الصوم فيما بعد وكان ذلك مع بداية الدعوة الإسلامية.
لأن الصيام حينها كان اختيارا محددا في «أياما معدودات» يعني محددات فمن كان خلال تلك الأيام «مريضا أو على سفر» فيجوز القضاء بالمثل «فعدة من أيام أخر»..
غير أنه بحسب مفهوم دلالة تلك الآية بقوله تعالى «وعلى الذين يطيقونه» أي يستطيعون صيام تلك الأيام المعدودات ولأنه حينها كان اختيارا وليس فرضا فأولئك يستطيعون صيام الأيام المحددات ولكنهم بحكم الاختيار لا يرغبون بذلك.
لهذا حددت الآية فدية طعام مسكين لتخليهم عن رغبة الصيام لأنه بحكم الاختيار بيد أن مفهوم ودلالة الآية «فمن تطوع خيرا» يعني بالصوم بمعنى أنه أفضل من الفدية «فهو خير» له وزادت الآية على ذلك تمهيدا لذلك الشرع بقوله تعالى «وأن تصوموا خيرا لكم إن كنتم تعلمون» وهو ما يعني بدلالة الخطاب القرآني لتلك الآيتين السابقتين أن الصيام خير لكم من الفدية إن كنتم تدركون أهمية ذلك الصيام.
ومما لا شك فيه أن تلك الآيتين كانتا قبل التحديد المعلوم للصوم وفقا لأحكام الشرع المتبعة لذلك نسخت تلك الآيتين السابقتين من كتاب الله.. بحكم ما نزل بعد ذلك من آيات تحديد الصوم وفقا لمفهومه لغة واصطلاحا مع تحديد الشهر المعلوم فيه وكذلك أحكام الصيام وآدابه والفوائد المرجوة منه. كما سنوضح ذلك تباعا..

قد يعجبك ايضا