رغوة الجمر.. شكرا على كل هذا الشعر
جميل مفرح
جميل مفرح –
كثيرون أعتقدوا ويعتقدون أن الحداثة الشعرية والتجديد في الكتابة الشعرية هي الانتقال من شكل كتابي إلى شكل آخر. وكثيرون لم يكتفوا بذلك بل زادوا عليه تنظيرا ودعوات وحاولوا ما استطاعوا وما يزالون الإقناع بأن الجدة والتجديد والحداثة والتحديث معان ارتبطت وترتبط بتغيير شكل القصيدة التي تكتب مثلا من العمودية إلى قصيدة التفعيلة وإلى قصيدة النثر التي يا ما شاكلت وتشاكلت وكان ويظل من نتائج تلك المفاهيم والدعوات وذلك الفهم القاصر تماما تحول الكثير من الكتاب المبدعين إلى مسايرة تلك التنظيرات والدعوات التي يربطها أصحابها وبعض قاصدي الوعي بالتجديد والحداثة ومسايرة الكتابة المعاصرة والمغايرة.. غير أن الحقيقة التي يعمد الكثيرون إلى مداراتها ومحاولة الكفر بها عن عجز واضح في المسايرة والخلق الإبداعي تؤكد على أن الإبداع والخلق الإبداعي المتجدد لا يأبه بشكل الكتابة ولا يشترطها وليس معنيا أو مرتبطا بشكل دون سواه ليؤكد تحققه وأن الشكل الكتابي في الحقيقة ما هو إلا وعاء حامل لمقدار وقدر الإبداع النصي الشعري ولك أن تقرأ قصائد في شكلها العمودي الكلاسيكي تأسرك وتفتن لبك دون سواها وذلك راجع لما تحمله من دفعات شعرية تتوازى مع دفقات الموسيقى والعاطفة والتفاعل لتقدم لنا نصوصا لا تستطيع على الاطلاق وصفها بالكلاسيكية أو وصمها بالرجعية كما يفعل أولئك الشكليون الذي يثبت الزمن كلما مر أنهم أبعد ما يكون عن القدرة على التقييم وتجديد الكتابة برؤاهم الضيقة تلك والذين يحزن وقد حزنت وأحزن له كثيرا ما تخلقه تلك التنظيرات والدعوات لدى الشباب المبدعين الموهوبين موهبة تسترعي الانتباه وتستحق الإهتمام والمتابعة من آثار سلبية تجعلهم يتراجعون بل ويصل الأمر إلى الكفر بما أنجزوه وينجزونه من إبداع يصفه أولئك الشكليون بالكلاسيكي والرجعي والمتأخر وغير ذلك من الاوصاف التي يقصدون بها التحقير والتقليل من شأن ما يكتب في هذا الشكل أو ذاك.. ولنا في هذا الصدد تجارب كثيرة مع عدد من الشعراء المبدعين الذين بدأوا بتجارب نظيفة قوية تشكل إضافات حقيقية للكتابة الجديدة وقعوا في فخاخ هذه الدعوات فحاولوا المجاراة والمسايرة من خلال تلبية تلك الدعوات والالتحاق بما وجدوه ويجدونه أمامهم من طفرات شكلية ونزعات تجديدية معتمدة على الشكل في الغالب أكثر من اعتمادها على جوهر النصوص وما تقدمه من فكر فني وموضوعي هو ما بيده أن يقدم إضافات وتجديدا في الكتابة الجديدة والمتجددة.. وسرعان ما تحولت تلك التجارب إلى غير ما كان يجب أن تنحو فتراجعت بشكل ملحوظ ولم تكد تقدم شيئا يذكر في تجاربها ومحاولاتها الجديدة اللاهثة وراء المسايرة والمغايرة الشكلية البحتة التي لا تضيف للنص شيئا يذكر..
} } }
ما أعادني إلى الحديث عن هذه القضية التي كثيرا ما تناقشنا حولها في فعاليات وكتابات ومجالس أدبية وثقافية هو قراءة ديوان »رغوة الجمر« للشاعر الصاعد والمتألق جدا يحيى الحمادي.. والذي يقدم من خلاله تجربة فذة مميزة تدعونا إلى بل وتجبرنا على الترحيب بشاعر صاخب حد تفجير طاقات التلقي واستحثاثها وسحرها بنصوص تراهن القصيدة العمودية بها كل دعاة التجديد الشكلي والصوري للقصيدة .. رغوة الجمر مجموعة فاتنة بالفعل يقدم من خلالها الشا